قوله:{وَهِيَ خَاوِيَةٌ} هذه الجملةُ فيها/ خمسةُ أوجهٍ، أحدُها أنْ تكونَ حالاً من فاعلِ «مَرَّ» والواوُ هنا رابطةٌ بين الجملةِ الحاليةِ وصاحبها، والإِتيانُ بها واجبٌ لخلوِّ الجملةِ من ضميرٍ يعودُ إليه. والثاني: أنها حالٌ من «قرية» : إمَّا على جَعْل «على عروشها» صفةً لقرية على أحدِ الأوجهِ الآتيةِ في هذا الجارِّ، أو على رأي مَنْ يجيزُ الإِتيانَ بالحالِ من النكرة مطلقاً، وهو ضعيفُ عند سيبويهِ. الثالث: أنها حالٌ من «عروشها» مقدَّمةٌ عليه، تقديرُه: مَرَّ على قرية على عروشِها وهي خاويةٌ.
الرابع: أن تكونَ حالاً من «ها» المضافِ إليها «عروش» قال أبو البقاء: «والعاملُ معنى الإِضافة وهو ضعيفٌ مع جوازه» انتهى. والذي سَهَّل مجيءَ الحال من المضاف إليه كونُه بعضَ المضافِ، لأنَّ «العروش» بعضُ القريةِ، فهو قريبٌ من قولِه تعالى:{مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً}[الأعراف: ٤٣] . الخامس: أن تكونَ الجملةُ صفةً لقرية، وهذا ليسَ بمرتضى عندَهم، لأنَّ الواوَ لا تَدْخُلُ بين الصفةِ والموصوفِ، وإنْ كانَ الزمخشري قد أجازَ ذلك في قوله تعالى:{وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ}[الحجر: ٤] فَجَعَل «ولَهَا كتابٌ» صفةً، قال:«وتوسَّطت الواوُ إيذاناً بإلصاق الصفة بالموصوف» وهذا مذهبٌ سبقه إليه أبو الفتح ابن جني في بعضِ تصانيفِه، وفيه ما تقدَّم، وكأنَّ الذي سَهَّل ذلك تشبيهُ الجملة الواقعة صفةً بالواقعَةِ حالاً، لأنَّ الحالَ صفةٌ في المعنى. ورتَّب أبو البقاء جَعْلَ هذه الجملة صفةً لقرية على جوازِ جَعْلِ «على عروشها» بدلاً من «قرية» على