للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَمَّا قراءة الحرميّين: فَمِنْ «أَنْشَرَ اللَّهُ الموتى» بمعنى أَحْيَاهم، وأمَّا قراءةُ ابنِ عباس فَمِنْ «نَشَر» ثلاثياً، وفيه حينئذٍ وجهان، أحدُهما: أَنْ يكونَ بمعنى أَفْعَلَ فتتحدَ القراءتان. والثاني: أَنْ يكونَ مِنْ «نَشَرَ» ضِدَّ طَوى أي يَبْسُطها بالإِحياءِ، ويكونُ «نَشَرَ» أيضاً مطاوعَ أَنْشَرَ، نحو: أَنْشَرَ الله الميت فَنَشَرَ، فيكونُ المتعدي واللازمُ بلفظٍ واحد، إلاَّ أنَّ كونَه مطاوعاً لا يُتَصَوَّر في هذه الآيةِ الكريمةِ لتعدِّي الفعل فيها، وإنْ كان في عبارةٍ أبي البقاء في هذا الموضِعِ بعضُ إبهامٍ. ومِنْ مجيء «نشر» لازماً قوله:

١٠٥٤ - حتى يقولَ الناسُ مِمَّا رَأَوا ... يا عجباً للميِّت الناشِرِ

فناشِر مِنْ نَشَر بمعنى حَيِيَ.

وأمَّا قراءةُ الزاي فَمِنْ «النَّشْز» وهو الارتفاعُ، ومنه: «نَشْزُ الأرضِ» وهو المرتفعُ، ونشوزُ المرأةِ وهو ارتفاعُها عن حالِها إلى حالةٍ أخرى، فالمعنى: يُحَرِّك العظامَ ويرفعُ بعضَها إلى بعضٍ للإحياء.

قال ابنُ عطية: «وَيَقْلَقُ عندي أن يكونَ النشوزُ رَفْعَ العظامِ بعضِها إلى بعضٍ، وإنما النشوزُ الارتفاعُ قليلاً قليلاً» ، قال: «وانظُر استعمالَ العربِ تجدْه كذلك، ومنه:» نَشَزَ نابُ البعير «و» أَنْشَزُوا فَأَنْشَزوا «، فالمعنى هنا على التدرُّجِ في الفعلِ فَجَعَل ابنُ عطية النشوزُ ارتفاعاً خاصاً.

ومَنْ ضَمَّ النونَ فَمِنْ» أَنْشَزَ «، ومَنْ فَتَحَها فَمِنْ» نَشَزَ «، يقال:» نَشَزه «و» أَنْشَزَه «بمعنىً. ومَنْ قرأ بالياءِ فالضميرُ لله تعالى. وقر أبُيّ» نُنْشِئُها «من

<<  <  ج: ص:  >  >>