قوله:{مِّنَ الطير} في متعلِّقه قولان، أحدُهما: أنه محذوفٌ لوقوعِ الجارِّ صفةً لأربعة، تقديرُه: أربعةً كائنةً من الطيرِ. والثاني: أنه متعلقٌ بخُذْ، أي: خُذْ من الطير.
و» الطيرُ «اسمُ جمعٍ كرَكْب وسَفْر. وقيل: بل هو جمعُ طائرٍ نحو: تاجر وتَجْر، وهذا مذهبُ أبي الحسن. وقيل: بل هو مخففٌ من» طَيِّر «بتشديدِ [الياء] كقولِهم:» هَيْنَ ومَيْت «في: هَيِّن ومَيَّت. قال أبو البقاء:» هو في الأصلِ مصدرُ طارَ يطير، ثم سُمِّي به هذا الجنسُ «. فَتَحَصَّلَ فيه أربعةُ أقوالٍ.
وجاء جَرُّه ب» مِنْ «بعد العددِ على أفصحِ الاستعمالِ، إذ الأفصحُ في اسمِ الجَمْعِ في بابِ العددِ أَنْ يُفْصَل بمِنْ كهذه الآيةِ، ويجوزُ الإِضافةُ كقولِه تعالى:{تِسْعَةُ رَهْطٍ}[النمل: ٤٨] ، وقال:
١٠٦٢ - ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ ... لقد جارَ الزمانُ على عيالي
وزعم بعضهم أن إضافته نادرةٌ لا يُقاس عليها، وبعضُهم أَنَّ اسمَ الجمعِ لما يَعْقِل مؤنثٌ، وكلا الزعمين ليس بصوابٍ، لما تقدَّم من الآيةِ الكريمةِ، واسمُ الجمع لما لا يَعْقِل يُذَكَّر ويؤنَّثُ، وهنا جاء مذكراً لثبوتِ التاءِ في عددِه.