وجهان فقيل: على الحالِ من «جَنَّة» لأنها قد وُصِفَت. وقيل: على أنها خبرُ «تكون» نقله مكي.
قوله:{لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثمرات} جملةٌُ من مبتدأٍ وخبرٍ، فالخبرُ قولُه:«له» و {مِن كُلِّ الثمرات} هو المبتدأُ، وذلك لا يَسْتَقِيم على الظاهر، إذ المبتدأ لا يكونُ جاراً ومجروراً فلا بدَّ من تأويلِه. واختُلف في ذلك، فقيل: المبتدأ في الحقيقةِ محذوفٌ، وهذا الجارُّ والمجرورُ صفةٌ قائمةٌ مقامَه، تقديرُه:«له فيها رزقٌ من كلِّ الثمراتِ أو فاكهةٌ من كلِّ الثمرات» فَحُذِف الموصوفُ وبقيت صفتُه: ومثله قولُ النابغة:
١٠٧١ - كأنَّك من جِمالِ بني أُقَيْشٍ ... يُقَعْقِعُ خلفَ رِجْلَيه بِشَنِّ
أي: جَمَلٌ من جمالِ بني أُقَيْشٍ، وقولُه تعالى:{وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ [مَّعْلُومٌ] }[الصافات: ١٦٤] أي: وما منا أحدٌ إلا له مقامٌ. وقيل:«مِنْ» زائدةٌ تقديرُه: له فيها كلُّ الثمرات، وذلك عند الأخفش لأنه لا يَشْتَرِط في زيادتها شيئاً. وأمَّا الكوفيون فيشترطون التنكير، والبصريون يَشْتَرِطُونه وعدَم الإِيجاب، وإذا قلنا بالزيادة فالمرادُ بقوله:«كلّ الثمرات» التكثيرُ لا العمومُ، لأنَّ العمومَ متعذَّرٌ. قال أبو البقاء:«ولا يجوزُ أَنْ تكونَ» مِنْ «زائدةً لا على قولِ سيبويه ولا قولِ الأخفش، لأنَّ المعنى يصير: له فيها كلُّ الثمراتِ، وليسَ الأمرُ على هذا، إلاَّ أَنْ يُراد به هنا الكثرة لا الاستيعاب فيجوزُ عند الأخفش، لأنه يُجَوِّزُ زيادةَ» مِنْ «في الواجب.