ويكفِّرْ. والثاني: أنه حَذَفَ حرفَ/ العطفِ فتكونُ كالقراءةِ المشهورةِ، والتقديرُ:«ويكفِّرُ» وهذا ضعيف جداً.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر بالنونِ ورفعِ الراءِ، وقرأ نافع وحمزةُ والكسائي بالنونِ وجزمِ الراء، وابنُ عامر وحفصٌ عن عاصم: بالياء ورفع الراء، والحسنُ بالياء وجزمِ الراء، ورُوي عن الأعمش أيضاً بالياء ونصب الراء، وابن عباس:«وتُكَفِّرْ» بتاءِ التأنيثِ وجزمِ الراءِ، وعكرمة كذلك إلا أنه فَتَحَ الفاءَ على ما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، وابنُ هرمز بالتاءِ ورفعِ الراء، وشهر ابن حوشب - ورُويت عن عكرمة أيضاً - بالتاءِ ونصبِ الراءِ، وعن الأعمش أيضاً بالنونِ ونَصْبِ الراء، وعَن الأعمش أيضاً بالنونِ ونَصْبِ الراءِ، فهذه إحدى عشرةَ قراءةً، والمشهورُ منها ثلاثٌ.
فَمَنْ قرأ بالياء ففيه ثلاثة أوجه، أظهرُها: أنه أَضْمَرَ في الفعل ضميرَ اللَّهِ تعالى، لأنه هو المكفِّر حقيقةً، وتَعْضُده قراءةُ النونِ فإنها متعيِّنةٌ له. والثاني: أنه يعودُ على الصرفِ المدلولِ عليه بقوةِ الكلامِ، أي: ويكفِّرْ صَرْف الصدقاتِ. والثالث: أنه يعودَ على الإِخفاءِ المفهومِ من قولِهِ: «وإنْ تُخْفُوها» ، ونُسِبَ التكفيرُ للصرفِ والإِخفاءِ مجازاً، لأنهما سببٌ للتكفير، وكما يجوزُ إسنادُ الفعلِ إلى فاعِلِهِ يجوزُ إسنادُهُ إلى سببه.
ومَنْ قرأَ بالتاءِ ففي الفعلِ ضميرُ الصدقاتِ ونُسِبَ التكفيرُ إليها مجازاً كما تَقَدَّم. ومَنْ بناه للمفعولِ فالفاعلُ هو اللَّهِ تعالى أو ما تقدَّم. ومَنْ قرأ بالنون فهي نونُ المتكلمِ المعظِّم نفسَهُ. ومَنْ جَزَمَ الراءَ فللعطف على محلِّ الجملةِ الواقعةِ جواباً للشرطِ، ونظيرُهُ قولُه:{مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} في قراءةِ مَنْ جَزَمَ {وَيَذَرُهُمْ}[الأعراف: ١٨٦]