ببيانِ الجنس، وليس المصطلحَ عليه كما قَدَّمناه، وهذا المعنى يَؤُول إلى أنَّ «مِنْ» سببية، لكنها تتعلق بأغنياء لا بيحسَبهم. انتهى «.
وتتعلَّقُ» مِنْ «على الوجهين الأوَّلَيْنِ بيَحْسَبهم. قال أبو البقاء:» ولا يجوزُ أَنْ تتعلَّقَ بمعنى «أغنياء» لأنَّ المعنى يَصيرُ إلى ضد المقصود وذلك أنَّ معنى الآية أنَّ حالَهم يَخْفَى على الجاهلِ بهم فيظنُّهم أغنياءَ، ولو عُلِّقَتْ «مِنْ» بأغنياءَ صار المعنى أنَّ الجاهلَ يَظُنُّ أنهم أغنياءُ ولكن بالتعفف، والغنيُّ بالتعفف فقيرٌ في المال «.
انتهى، وما قاله أبو البقاء يحتملُ بحثاً.
وأما على الوجه الثالث - وهو كونُها لبيانِ الجنس - فقد صَرَّح الشيخ بتعلُّقها بأغنياء، لأن المعنى يعودُ إليه، ولا يجوزُ تعلُّقها في هذا الوجهِ بالحُسْبان، وعلى الجملةِ فكونُها لبيانِ الجنسِ قَلِقُ المعنى.
والتعفُّفُ: تَفَعُّل من العِفَّة، وهي تَرْكُ الشيء، والإِعراضُ عنه مع القدرةِ على تعاطِيه، قال رؤبة:
١٠٨٥ - فَعَفَّ عن أسرارِها بعد الغَسَقْ ... ولم يَدَعْها بعد فَرْكٍ وعَشَقْ