الجحدري أيضاً:«تُضِلَّ» بضمِ التاء وكسر الضاد من أَضَلَّ كذا أي: أضاعه، والمفعولُ محذوفٌ أي: تُضِلَّ الشهادة. وقرأ حميد بن عبد الرحمن ومجاهد:«فَتَذْكُرُ» برفع الراء وتخفيف الكاف، وزيد بن أسلم:«فتُذاكِرُ» من المذاكرة.
وقوله:{إِحْدَاهُمَا} فاعل «والأخرى» مفعول، وهذا مِمَّا يَجِبُ تقديمُ الفاعلِ فيه لخفاءِ الإِعرابِ والمعنى نحو: ضَرَب موسى عيسى. قال أبو البقاء: ف «إحداهما» فاعلٌ، و «الأخرى» مفعول، ويَصِحُّ العكس، إلا أنه يمتنع على ظاهرِ قول النحويين في الإِعراب، لأنه إذا لم يظهر الإِعرابُ في الفاعلِ والمفعولِ وَجَبَ تقديمُ الفاعل [فيما] يُخاف فيه اللَّبْسُ، فعلى هذا إذا أُمِنَ اللَّبْسُ جازَ تقديمُ المفعولِ كقولك:«كسر العصا موسى» ، وهذه الآيةُ من هذا القبيلِ لأنَّ النِّسْيَانِ والإِذكارَ لا يتعيَّنُ في واحدةٍ منهما بل ذلك على الإِبهامِ، وقد عُلِم بقوله «فَتُذَكِّرَ» أنَّ التي تُذَكِّر هي الذاكرة والتي تُذَكَّرُ هي الناسية، كما علم من لفظ «كَسَر» مَنْ يَصِحُّ منه الكسرُ، فعلى هذا يجوز أن يُجْعل «إحداهما» فاعلاً، و «الأخرى» مفعولاً وأن تعكس «انتهى.
ولَمَّا أَبْهَمَ الفاعلَ في قولِه:{أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا} أَبْهَمَ أيضاً في قوله: «فَتُذَكِّر إحداهما» لأنَّ كلاً من المرأتين يجوزُ عليها ما يجوزُ على صاحبتِها من الإِضلالِ والإِذكارِ، والمعنى: إنْ ضَلَّتْ هذه أَذْكَرَتْها هذه، فَدَخَلَ الكلامَ معنَى العموم