للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا إذا جَعَلْناه مشتركاً بين عَدَلَ وبين جارَ فالأمرُ واضحٌ قال ابن القطاع: «قَسَط قُسوطاً وقِسْطاً: جارَ وعَدَل ضِدٌّ» . وحكى ابن السِّيد في كتابِ «الاقتضاب» له عن ابن السكيت في كتاب «الأضداد» عن أبي عبيدة: «قَسَط: جارَ، وقَسَط: عَدَل، وأَقْسطَ بالألفِ عَدَلَ لا غير. وقال أبو القاسم الراغب الأصبهاني:» القِسْطُ أن يأخذَ قِسْطَ غيرِه، وذلك جَوْرٌ، والإِقساطُ أن يُعْطِي قسطَ غيرِه، وذلك إنصافٌ، ولذلك يقال: قَسَط إذا جار، وأَقْسَط إذا عَدَل «وسيأتي لهذا أيضاً مزيدُ بيانٍ في سورة النساءِ إن شاء الله تعالى.

و «عند الله» / ظرفٌ منصوبٌ ب «أَقْسَط» أي: في حكمِه. وقوله «وَأَقْوَمُ» إنما صَحَّت الواوُ فيه لأنه أفعلُ تفضيلٍ، وأفعلُ التفضيلِ يَصِحُّ حملاً على فِعْل التعجب، وصَحَّ فعلُ التعجبِ لجريانه مَجْرى الأسماء لجمودِه وعدمِ تصرُّفِه.

و «أَقْوَمُ» يجوزُ أن يكونَ من «أقام» الرباعي المتعدِّي؛ لكنه حَذَف الهمزةَ الزائدة، ثم أتى بهمزةِ أَفْعل كقولِه تعالى: {أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى} [الكهف: ١٢] فيكونُ المعنى: أَثْبَتُ لإِقامتِكم الشهادةَ، ويجوزُ أن يكونَ من «قام» اللازم ويكونُ المعنى: ذلك أثبتُ لقيامِ الشهادةِ، وقامَتِ الشهادةُ: ثَبَتَتْ، قاله أبو البقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>