هذا المعنى. ونَقَل الداني عن عمر وابن عباس ومجاهد وابن أبي إسحاق أنهم قرؤوا الراءَ الأولى بالكسرِ حين فَكُّوا.
ويُحْتمل أن يكونَ الفعلُ فيها مبنياً للمفعول، والمعنى: أَنَّ أحداً لا يُضارِرُ الكاتبَ ولا الشاهدِ، ورُجِّح هذا بأنه لو كان النهيُّ متوجِّهاً نحو الكاتبِ والشهيدِ لقال: وإنْ تفعلا فإنه فسوقٌ بكما، ولأنَّ السياقَ من أولِ الآيات إنما هو للمكتوبِ له والمشهودِ له. ونُقِل في التفسير هذا المعنى عن ابن عباس ومَنْ ذُكِر معه. وذكر الداني أيضاً عنهم أنهم قرؤوا الراءَ الأولى بالفتح. قلت: ولا غَرْوَ في هذا إذ الآيةُ عندهم مُحْتَمِلةٌ للوجهين فَسَّروا وقرؤوا بهذا المعنى تارةً وبالآخرِ أخرى.
وقرأ أبو جعفر وعمرو بن عبيد:«ولا يُضارّ» بتشديد الراءِ ساكنةً وَصْلاً، وفيها ضعفٌ من حيث الجمعُ بين ثلاثِ سواكن، لكنه لمَّا كانت الألفُ حرفَ مدٍّ قام مَدُّها مقامَ حركةٍ، والتقاءُ الساكنين مغتفرٌ في الوقف، ثم أُجْري الوصلُ مُجْرى الوقف في ذلك.
وقرأ عكرمة/:«ولا يُضارِرْ كاتباً ولا شهيداً» بالفكِّ وكسرِ الراءِ الأولى، والفاعلُ ضميرُ صاحب الحق، ونَصْبِ «كاتباً» و «شهيداً» على المفعولِ به أي: لا يضارِرْ صاحبُ حقٍ كاتباً ولا شهيداً بأن يُجْبِرَهُ ويُبْرِمَه بالكتابة والشهادةِ؛ أو بأَنْ يحمِلَه على ما لا يَجُوز.
وقرأ ابن محيصن:«ولا يُضارُّ» برفع الراء، وهو نفيٌ فيكونُ الخبر بمعنى النهي كقوله:{فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقْ}[البقرة: ١٩٧]