اسمية مؤكَّدة بإنما، لِيَدُلُّوا بذلك على ثبوتِ الوصفِ لهم فردَّ الله عليهم بأبلَغَ وآكدَ مِمَّا ادَّعَوه.
قوله تعالى:{ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ} الواوُ عاطفةٌ لهذه الجملةِ على ما قبلها و «لكن» معناها الاستدراكُ، وهو معنىً لا يفارقها، وتكون/ عاطفةً في المفردات، ولا تكون إلا بين ضِدَّيْن أو نقيضَيْن، وفي الخلافين خلافٌ، نحو:«ما قام زيدٌ لكن خرج بكر» ، واستدلَّ بعضُهم على ذلك بقولِ طرفة:
فقوله:: متى يسترفدِ القوم أرفدِ «ليس ضداً ولا نقيضاً لما قبله، ولكنه خلافُه. قال بعضهم: وهذا لا دليلَ فيه على المُدَّعَى، لأنَّ قولَه:» لستُ بحلاَّل التِّلاعِ لبيته «كنايةٌ عن نفي البخلِ أي: لا أَحُلُّ التلاعَ لأجلِ البخلِ، وقوله:» متى يسترفد القوم أرفد «كنايةٌ عن الكرم، فكأنه قال: لست بخيلاً ولكن كريماً، فهي هنا واقعةٌ بين ضِدَّيْنِ. ولا تعملُ مخفَّفةً خلافاً ليونس، ولها أحكامٌ كثيرة.
ومعنى الاستدراكِ في هذه الآيةِ يحتاجُ إلى فَضْلِ تأمُّلٍ ونَظَر، وذلك أنهم لَمَّا نُهُوا عن اتخاذِ مثلِ ما كانوا يتعاطَوْنه من الإِفساد فقابلوا ذلك بأنهم مصلحون في ذلك، وأخبر تعالى بأنهم هم المفسدون، كانوا حقيقين بأن يَعْلَموا أن ذلك كما أخبر تعالى وأنهم لا يَدَّعُون أنهم مصلحون، فاستدرك عليهم هذا المعنى الذي فاتَهم من عدمِ الشعورِ بذلك، ومثلُه قولك:» زيدٌ جاهلٌ ولكن لا يعلم «، وذلك أنه من حيث اتصف بالجهل، وصار الجهلُ وصفاً قائماً به كان ينبغي أن يَعْلَمَ بهذا الوصفِ من نفسه، لأن الإِنسانَ ينبغي