لأنه من كسبهِ في الجملةِ، بخلافِ العقوبةِ فإنه فا يُؤَاخَذُ بها إلا مَنْ جَدَّ فيها واجتهَدَ «. وهذا مبنيٌّ على القولِ بالفرق بين البنائين وهو الأظهرُ.
قوله:{لاَ تُؤَاخِذْنَا} يُقْرأ بالهمزةِ وهو من الأخْذ بالذَّنْبِ، ويُقْرَأُ بالواوِ، ويَحْتمل وجهين، أحدُهما: أَنْ يكونَ مِن الأخْذِ أيضاً، وإنما أُبْدِلَتِ الهمزةُ واواً لفتحِها وانضمامِ ما قبلها، وهو تخفيفٌ قياسي، ويَحْتمل أَنْ يكونَ من: واخذه بالواو، قاله أبو البقاء: وجاء هنا بلفظِ المفاعلةِ وهو فعلُ واحدٍ، لأنَّ المسيءَ قد أَمْكَنَ من نفسِه وطَرَقَ السبيلَ إليها بفعله، فكأنه أعانَ مَنْ يعاقِبُه بذَنْبِه، ويأخذُ به على نفسِه فَحَسُنَتْ المفاعَلَةُ. ويجوزُ أَنْ يكونَ من بابِ: سافرت وعاقبت وطارقت.
وقرأ أُبَيّ:» ربَّنا ولا تُحَمِّلْ علينا إصْراً «بتشديد الميم.
قال الزمخشري: «فإنْ قلت: أَيُّ فرق بين هذه الشديدةِ والتي في» ولا تُحَمِّلْنا؟ قلت: هذه للمبالغةِ في حَمَّل عليه، وتلك لنقل «حَمَلَه» من مفعولٍ واحدٍ إلى مفعولَيْن «. انتهى يعني أنَّ التضعيفَ في الأولِ للمبالغةِ ولذلك لم يتعدَّ إلا لمفعولٍ واحدٍ، وفي الثانيةِ للتعدية، ولذلك تعدَّى إلى اثنين أولُهما» ن «والثاني {مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} .
والإِصْرُ: في الأصل الثِّقَلُ والشِّدَّة. وقال النابغة:
١١٥٢ - يا مانعَ الضَّيْمِ أَنْ يَغْشَى سَرَاتَهُمُ ... والحاملَ الإِصرِ عنهم بعد ما عَرِقُوا