البيت. وأجاز الزمخشري وأبو البقاء أن تكونَ» ما «كافةً للكاف عن العمل، مثلُها في قولك: ربما قام زيد. ولا ضرورةَ تَدْعو إلى هذا، لأنَّ جَعْلَها مصدريةً مُبْقٍ للكافِ على ما عُهِدَ لها من العملِ بخلافِ جَعْلِها كافةً. والألفُ واللامُ في» الناس «تحتملُ أن تكونَ جنسيةً أو عهديةً. والهمزةُ في» أنؤمن «للإِنكار أو الاستهزاءِ، ومحلُّ» أنؤمن «النصبُ ب» قالوا «.
وقوله:{كَمَآ آمَنَ السفهآء} : القولُ في الكافِ و» ما «كالقول فيهما فيما تقدَّم، والألفُ في السفهاء تحتمل أن تكونَ للجنسِ أو للعهدِ، وأَبْعَدَ مَنْ جَعَلها للغلَبةِ كالعَيُّوق، لأنه لم يَغْلِبْ هذا الوصفُ عليهم، بحيث إذا قيل السفهاءُ فُهِمَ منهم ناسٌ مخصوصون، كما يُفْهم من العيُّوق/ كوكب مخصوص.
والسَّفَهُ: الخِفَّةُ، تقول: «ثوبٌ سفيه» أي خفيفُ النَّسْج. وقوله:{ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ} كقولِه فيما تقدَّم: {ألا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ}[البقرة: ١٢] فلا حاجة إلى إعادتِه. ومعنى الاستدراكِ كمعناه فيما تقدَّم، إلا أنه قال هناك:«لا يشعرون» ، لأن المثبتَ لهم هناكَ هو الإِفسادُ، وهو ممَّا يُدْرَكُ بأدنى تأمُّلٍ لأنه من المحسوسات التي لا تحتاج إلى فكرٍ كبير، فَنَفَى عنهم ما يُدْرَكُ بالمشاعرِ وهي الحواسُّ مبالغةً في تَجْهيلهم وهو أنَّ الشعور الذي قد ثَبَتَ للبهائم منفيٌّ عنهم، والمُثْبَتُ هنا هو السَّفَهُ والمُصَدَّرُ به هو الأمرُ بالإِيمان وذلك ممَّا يَحتاج إلى إمعان فكرٍ ونظرٍ تامٍ