للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَحَذَفَه، ويجوزُ أَنْ يتعلَّق بالفعلين معاً تعلُّقاً صناعياً لا على وجه التنازع، بل بمعنى أنه علةً للفعلين معاً، كما تقول: «أكرمْتُ زيداً وضربْتُ عمراً إكراماً لك» يعني أن الإكرام علةٌ للإِكرامِ وللضرب.

والثاني: ان ينتصِبَ على الحالِ من التوراةِ والانجيلِ، ولم يُثنَّ لأنه مصدرٌ وفيه الأوجُه المشهورةُ من حَذْف المضافِ أي: ذوي هدىً أو على المبالغةِ بأَن جُعِلا نفسَ الهُدَى أو على جَعْلِهما بمعنى هاديين. وقيل: إنه حال من الكتاب والتوارة والإِنجيل، وقيل: حالٌ من الإِنجيل فقط وحُذِف مِمَّا قبله لدلالة هذا عليه. وقال بعضُهم: تَمَّ الكلامُ عند قولِه تعالى: {مِن قَبْلُ} فَيُوقَفُ عليه ويُبْتَدَأُ قولِه {هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفرقان} أي: وأَنْزَل الفرقانَ هدىً للناس. وهذا التقديرُ غيرُ صحيحٍ لأنه يُؤدِّي إلى تقديم المعمولِ على حرفِ النسقِ وهو ممتنعٌ، لو قلت: «قام زيد مكتوفةً وضُرِبَتْ هندٌ» تعني: «وضُرِبَت هند مكتوفةً» لم يَصِحَّ البتة فكذلك هذا.

قوله: {لِّلنَّاسِ} يُحْتمل أن يتعلَّقَ بنفسِ «هُدَى» لأنَّ هذه المادة تتعدَّى باللامِ كقولِه تعالى: {يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩] وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لهدىً.

قوله: {وَأَنزَلَ الفرقان} يُحْتَمل أن يرادَ به جميعُ الكتب السماوية، ولم يُجمع لأنه مصدرٌ بمعنى الفَرْق كالغفران والكفران، وهو يَحْتملُ أن يكونَ مصدراً واقعاً موقع الفاعلِ أو المفعول والأولُ أظهرُ. وقال الزمخشري: «أو كَرَّر/ ذِكْرَ القران بما هو نعتٌ له ومُدِحَ مِنْ كونِه فارقاً بين الحقِّ والباطل بعد ما ذكَره باسم الجنس تعظيماً لشأنِه وإظهاراً لفضلِه» . قلت: قد يعتقد معتقدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>