و «الذين آمنوا» مفعولٌ به، و «قالوا» جوابُ «إذا» ، و «آمنَّا» في محلِّ نَصْبٍ بالقول.
قوله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا} تقدَّم نظيرُه، والأكثرُ في «خلا» أن يتعدَّى بالباء، وقد يتعدَّى بإلى، وإنما تعدَّى في هذه الآية بإلى لمعنى بديعٍ، وهو أنه إذا تعدَّى بالباء احتمل معنيين أحدهما: الانفرادُ، والثاني: السخرية والاستهزاءُ، تقول:«خَلَوْتُ به» أي سَخِرْتُ منه، وإذا تعدَّى بإلى كان نَصَّاً في الانفرادِ فقط، أو تقول: ضُمِّن خَلا معنى صَرَف فتعدَّى بإلى، والمعنى: صَرفوا خَلاهم إلى شياطينهم، أو تضمَّن معنى ذهبوا وانصرفوا فيكون كقول الفرزدق:
أي: صرفه بالقتل، وقيل: هي هنا بمعنى مع، كقوله:{وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢] . وقيل: هي بمعنى الباء، وهذان القولان إنما يجوزان عند الكوفيين، وأمَّا البصريون فلا يجيزون التَجوُّز في الحروف لضَعْفِها. وقيل: المعنى وإذا خَلَوا من المؤمنين إلى شياطينهم، ف «إلى» على بابِها، قلت: وتقديرُ «مِن المؤمنين» لا يجعلُها على بابِها إلاَّ بالتضمينِ المتقدِّم.
والأصل في خَلَوْا: خَلَوُوْا، فَقُلِبَتِ الواوُ الأولى التي هي لامُ الكلمة ألفاً لتحركِها وانفتاحِ ما قبلها، فبقيَتْ ساكنةً، وبعدَها واوُ الضميرِ ساكنةٌ، فالتقَى ساكنان، فحُذِف أوَّلُهما وهو الألفُ، وبَقِيَتِ الفتحةُ دالَّةً عليهَا.