للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {والأنعام} هي جمع نَعَم، والنَّعَمُ مختصةٌ بثلاثة أنواع: الإِبلِ والبقرِ والغنمِ وقال الهروي: النَّعَمُ تذكَّر وتؤنَّث، وإذا جُمع انطلق على الإِبل والبقر والغنم «. وظاهرُ هذا أنه قبلَ جمعِه على» أنعام «لا يُطْلق على الثلاثةِ الأنواع، بل يختصُّ بواحدٍ منها، وهذا الظاهر الذي أَشَرْتُ إليه قد صَرَّح به الفراء فقال:» النَّعَمُ الإِبلُ فقط، وهو مذكَّرٌ ولا يؤنَّثُ تقول: «هذا نَعَمٌ وارد، وهو جمعٌ لا واحدَ له من لفظه» وقال ابن قتيبة: «الأنعام: الإِبلُ والبقر والغنم، واحده نَعَم، وهو جمعٌ لا واحدَ له من لفظِه، سُمِّيت بذلك لنعومة مَشْيِها ولِينها» ، وعلى الجملة فالاشتقاق في أسماءِ الأجناس قليلٌ جداً.

قوله: {والحرث} قد تقدَّم تفسيرُه، وهو هنا مصدرٌ واقعٌ موقعَ المفعول به، فلذلك وُحِّد ولم يُجْمَع كما جُمِعَت أخواتُه. ويجوزُ إدغام الثاءِ في الذال وإن كان بعضُ الناسِ ضَعَّفَه بأنه يَلْزَمُ الجمعُ بين ساكنين والأولُ ليسَ حرفَ لين، قال: «بخلاف» يَلْهَثُ ذلك «حيث أُدْغِم الثاءُ في الذالِ لانتفاءِ التقاءِ الساكنين، إذ الهاءُ قبلَ الثاءِ متحركةٌ» .

وقد تَضَمَّنَتْ هذه الآية الكريمةُ أنواعاً من الفصاحةِ والبلاغةِ فمنها: الإِتيانُ بها مُجْمَلَةً، ومنها: جَعْلُه لها نفس الشهوات مبالغةً في التنفير عنها، ومنها: البَدَاءَةُ بالأهمِّ فالأهمِّ، فَقَدَّم أولاً النساءَ لأنهن أكثرُ امتزاجاً ومخالطةً بالإِنسانِ، وهُنَّ حبائِلُ الشيطان، قال عليه السلام: «ما تَرَكْتُ بعدي فتنةً أَضَرَّ على الرجالِ مِنَ النساءِ» «ما رأيتُ مِنْ ناقصاتِ عقلِ ودينٍ أَسْلَبَ لِلُبِّ الرجلِ منكُنَّ» ويُرْوى: «الحازمِ منكن» . وقيل: «فيهن فتنتان، وفي البنين

<<  <  ج: ص:  >  >>