للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى طلوع الفجر» وقال بعضهم أيضاً: «السَّحَرُ عند العرب من آخر الليل، ثمَ يَسْتمر حكمُه إلى الإِسفار، كلُّه يقال له: سَحَر» . قيل: وسُمِّي السَّحَرُ سَحَراً لخفائِه، ومنه قيل: للسِّحْر: سِحْرِ لِلُطْفِه وخَفَائه.

والسَّحْر بسكون الحاء مُنْتهى قَصَبةِ الرئة، ومنه قولُ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «ماتَ بين سَحْري ونَحْري» سُمِّي بذلك لخفائِه، و «سَحَر» فيه كلام كثير، بالنسبةِ إلى الصرف وعدمه، والتصرفِ وعدمهِ، والإِعرابِ وعدمِه، يأتي تفصيلُها إن شاء الله تعالى عند ذِكْرِهِ إذ هو الأليقُ به.

وقوله: {والصادقين} وما عُطِف عليه. إن قيل: كيف دَخَلَتِ الواوُ على هذه الصفاتِ وكلُّها لقبيلٍ واحد؟ ففيه جوابان، أحدُهما أنَّ الصفاتِ إذا تكرَّرت جازَ أن يُعْطَفَ بعضُها على بعضٍ بالواوِ، وإنُ كانَ الموصوفُ بها واحداً، ودخولُ الواوِ في مثل هذا تفخيمٌ، لأنه يُؤْذِنُ بأن كلَّ صفةٍ مستقلةٌ بالمدحِ. والجوابُ الثاني: أن هذه الصفاتِ متفرقةٌ فيهم، فبعضُهم صابرٌ، وبعضُهم صادِقٌ، فالموصوفُ بها متعدِّدٌ، هذا كلامُ أبي البقاء.

وقال الزمخشري: «الواوُ المتوسطةُ بين الصفاتِ للدلالةِ على كمالهم في كلِّ واحدة منها» . قال الشيخ: «ولا نعلمُ العطفَ في الصفة بالواو يَدُّلُّ على الكمالِ» قلت: قد عَلِمَه علماءُ البيان، وقد تقدَّم لك تحقيقُ هذه المسألةِ في أوائلِ سورة البقرة، وما أنشدْتُه على ذلك من لسانِ العرب. والباء في «بالأسحارِ» بمعنى في.

<<  <  ج: ص:  >  >>