أَنْ يكونَ صفةً للمنفي، كأنه قيل: لا إله قائماً بالقسطِ إلا هو؟ قلت: لا يَبْعُدُ، فقد رَأَيْناهم يَتَّسِعون في الفصلِ بين الصفةِ والموصوفِ» ثم قال:«وهو أَوْجَهُ مِن انتصابهِ عن فاعلِ» شَهِد «، وكذلك انتصابُه على المَدْح» .
قال الشيخ: وكان الزمخشري قد مَثَّل في الفصلِ بين الصفةِ والموصوفِ بقولِه: «لا رجلَ إلا عبدُ الله شجاعاً قال:» وهذا الذي ذَكَره لا يجوزُ لأنه فَصَلَ بين الصفةِ والموصوفِ بأجنبي وهو المعطوفان اللذان هما «والملائكةُ وأولوا العلم» وليسا معمولَيْنِ لشيءٍ من جملةِ «لا إله إلا هو» بل هما معمولان لشَهِدَ، وهو نظيرُ:«عَرَفَ زيدٌ أنَّ هنداً خارجةٌ وعمروٌ وجعفرٌ التميمية» فَيُفْصَلُ بين «هند والتميمية» بأجنبي ليس داخلاً في حَيِّز ما عمل فيها، وذل الأجنبيُّ هو «وعمرو وجعفر» المرفوعان المعطوفان على «زيد» . وأمَّا المثالُ الذي مَثَّل به وهو «لا رجلَ إلا عبدُ الله شجاعاً» فليس نظيرَ تخريجِهِ في الآية، لأنَّ قولَك «إلا عبدُ الله» بدلُ على الموضعِ من «لا رجلَ» فهو تابعٌ على الموضعِ، فليس بأجنبي، على أَنَّ في جوازِ هذه التركيبِ نظراً، لأنه بدلٌ و «شجاعاً» وصفٌ، والقاعدةُ أنه إذا اجتمع البدلُ والوصفُ قُدِّم الوصفُ؛ وسَببُ ذلك أنه على نية تكرارِ العامل على الصحيح، فصار من جملة أخرى على هذا المذهب «.
الوجهُ الثالثُ: نصبُه على المدحِ. قال الزمخشري:» فإن قلت: أليس من حقِّ المنتصبِ على المدح أن يكونَ معرفةً، كقولك:«الحمدُ لله الحميدَ»«إنَّا معاشرَ الأنبياء لا نُورَث» .