للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حالاً من» هو «أو نصباً على المدحِ منه، أو صفةً للمنفي، كأنه قيل: شَهِدَ الله والملائكة وأولو العلم أنه لا إله إلا هو وأنه قائم بالقسط» .

قوله: {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} في هذه الجملةِ وجهان، أحدُهما: أنها مكررةٌ للتوكيد. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: لِمَ كَرَّر قولَه {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} ؟ قلت: ذَكَرَه أولاً للدلالةِ على اختصاصِهِ بالوحدانيةِ، وأنه لا إله إلا تلك الذاتُ المتميِّزَة، ثم ذَكَرَهُ ثانياً بعد ما قَرَن بإثباتِ الوحدانية إثبات العدل للدلالةِ على اختصاصِهِ بالأمرين، كأنه قال: لا إله إلا هو الموصوفُ بالصفتين، ولذلك قَرَنَ به قولَه: {العزيز الحكيم} لتضمُّنِها معنى الوحدانية والعدل» .

وقال بعضُهم: «ليس بتكريرٍ؛ لأنَّ الأولَ شهادةُ الله تعالى وحدَه، والثاني شهادة الملائكة وأولي العلم» ، وهذا كما تقدَّم عند مَنْ يرفع «الملائكة» بفعلٍ آخرَ مضمرٍ لِمَا ذكرتُهُ من أنه لا يرى إعمالَ المشترك، وأن الشهادتين متغايرتان، وهو مذهبٌ مرجوح. وقال الراغب: «إنما كرَّر لا إله إلا هو لأنَّ صفات التنزيهِ أشرفُ مِنْ صفاتِ التمجيد، لأنَّ أكثرَها مشاركٌ في ألفاظِها العبيدُ فيصِحُّ وَصْفُهم بها، ولذلك وَرَدَتْ ألفاظُ التنزيهِ في حَقِّه أكثرَ وأَبْلَغَ» .

قوله: {العزيز الحكيم} فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه بدلٌ من «هو» . الثاني: أنه خبرُ مبتدأٍ مضمرٍ. الثالث: أنه نعتٌ ل «هو» ، وهذا إنَّما يتمَشَّى على مذهبِ الكسائي، فإنه يرى وصفَ الضمير الغائب، ويتقدَّم نحو هذا في قوله: {لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم} [البقرة: ١٦٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>