قيل: الحكيم بأن، أي: الحاكم بأن، فحكيم مثالُ مبالغةُ مُحَوَّلٌ من فاعِل، فهو كالعليم والخبير والبصير، أي: المبالِغُ في هذه الأوصاف، وإنما عَدَلَ عن لفظ «حاكم» إلى «حكيم» مع زيادةِ المبالغة لموافقةِ العزيز. ومعنى المبالغةِ تكرارُ حكمهِ بالنسبة إلى الشرائع أنَّ الدين عند الله هو الإِسلام، أو حَكَمَ في كلِّ شريعة بذلك. وهذا الوجهُ ذكره الشيخ وكأنه من تخريجه ثم قال:«فإن قلت: لِمَ حَمَلْتَ الحكيم على أنه مُحَوَّلٌ من فاعل إلى فعيل للمبالغة، وهلاَّ جَعَلْتَه فعيلاً بمعنى مُفْعِل، فيكون بمعنى مُحْكِم، كما قالوا: أليم بمعنى مُؤْلِم وسميع بمعنى مُسْمِع من قولِ الشاعر:
فالجوابُ أَنَّا لا نُسَلِّمُ أَنَّ فعيلاً بمعنى مُفْعِل، وقد يُؤَوَّل أليمِ وسميع علىغير مُفْعِل، ولئن سَلَّمْنَا ذلك فهو من النُّدورِ والشذوذ بحيث لا يَنْقَاسُ، بخلاف فَعيل مُحَوَّلٌ من فاعِل فإنه كثيرٌ جداً خارجٌ عن الحصرِ كعليم فإنَّ العربيَّ القُحَّ الباقي على سَجِيَّتِهِ لم يَفْهَمْ عن» حكيم «إلا أنه مُحَوَّلٌ من فاعل للمبالغةِ، ألا ترى أنه لَمَّا سَمِعَ قارئاً يقرأ:» والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيدَيهما جزاءً بما كَسَبَا نكالاً من الله والله غفور رحيم «أنكر أن تكونَ فاصلةُ هذا التركيبِ السابقِ:» والله غفور رحيم «فقيل له: التلاوةُ:» والله عزيز حكيم «، فقال: هكذا يكون: عَزَّ فحكم فقطع» فَفَهِمَ من حكيم أنه محولٌ للمبالغة السالفة من «حاكم» ، وفَهْمُ هذا العربي حجةٌ قاطعةٌ بما قلناه، وهذا تخريجٌ