مَنْ» منصوباً على أنه مفعولٌ معه، لأنَّك إذا قلت:«أكلتُ رغيفاً وعمراً» أي: مع عمرٍو دَلَّ ذلك على أنه مشارِكٌ لك في أَكْلِ الرغيف، وقد أجاز الزمخشري هذا الوجه، وهو لا يجوزُ لِما ذكرنا على كلِّ حال؛ لأنه لا يجوزُ حَذْفُ المفعولِ مع كونِ الواوِ واوَ «مع» البتة «. قلت: فَهْمُ المعنى وعَدَمُ الإِلباسُ يُسَوِّغُ ما ذكرَهُ الزمخشري، وأيُّ مانِعٍ من أنَّ المعنى: فقل: أسلمتُ وجهيَ لله مصاحباً لِمَنْ أسلمَ وجهَهُ لله أيضاً، وهذا معنًى صحيح مع القولِ بالمعية.
الرابع: أنَّ محلَّ» مَنْ «الخفضُ نَسَقاً على اسمِ الله تبارك وتعالى، وهذا الإِعرابُ وإنْ كان ظاهرُهُ مُشْكلاً، فقد يُؤَوَّلَ على معنى: جَعَلْتُ مَقْصَدِي لله بالإِيمانِ به والطاعةِ له ولِمَنْ اتَّبعني بالحفظِ له، والتحفِّي بعلمه وبرأيه وبصحبته.
وقد أثبت الياءَ في» اتَّبعني «نافع وأبو عمرو وصلاً وَحَذفاها وقفاً، والباقون حَذَفُوها فيهما موافقةً للرسم، وحَسَّن ذلك أيضاً كونُها فاصلةً ورأسَ آية نحو:» أَكْرَمَن وأهانَن «وعليه قولُ الأعشى: