فإنَّ الأولَ على «أنت» والثاني على نداءٍ ثانٍ، والثالثُ على إضمارِ «أعني» ، فلمَّا كان هذا الاسمُ الأصلُ فيه ألاَّ يوصَفَ لِمَا ذَكَرْنا كان «اللهم» أَوْلى ألاَّ يوصفَ، لأنه قبل ضمِّ الميمِ إليه واقعٌ موقعَ ما لا يوصفُ، فلَّما ضُمَّتْ إليه الميمُ صيغَ معَهَا صياغةً مخصوصةً، وصارَ حكمُه حكمَ الأصوات، وحكُم الأصواتِ ألاَّ توصَفَ نحو:«غاق» وهذا مع ما ضُمَّ إليه من الميمِ بمنزلةِ صوتٍ مضمومٍ إلى صوتٍ نحو: «حَيَّهَلَ» فحقُّه ألاَّ يوصفَ كما لا يُوصف «حيهل» . انتهى ما انتصر به أبو علي السيبويه وإن كان لا ينتهضُ مانعاً.
قوله:{تُؤْتِي} هذه الجملةُ وما عُطِفَ عليها يجوزُ أنْ تكونَ مستأنفةً مُبَيِّنَةً لقوله: {مَالِكَ الملك} ويجوزُ أن تكونَ حالاً من المنادى، وفي انتصابِ الحالِ عن المنادى خلافٌ، الصحيحُ جوازُه، لأنه مفعولٌ به، والحالُ كما تكونُ لبيانِ هيئةِ الفاعل تكونُ لبيان هيئةِ المفعولِ، ولذلك أَعْرب الحُذَّاقُ قولَ النابغةَ:
١٢١٩ - يا دارمَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ ... أَقْوَت وطالَ عليها سالِفُ الأبدِ
إن «بالعلياء» حالٌ من «دارمَيَّة» ، وكذلك «أَقْوت» .
والثالث من وجوه «تُؤتي» أن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمر أي: أنت تُؤتي، فتكونُ الجلمةُ اسميةً، وحينئذ يجوز أن تكونَ مستأنفة وأن تكون حالية.