قوله:{مِن دُونِ المؤمنين} فيه وجهان، أظهرهُما: أنَّ «مِنْ» لابتداء الغاية، وهي متعلقةٌ بفعلِ الاِّتخاذ. قال علي بن عيسى:«أي: لا تَجْعَلُوا ابتداءَ الولايةِ من مكانٍ دونَ مكانِ المؤمنين» وقد تقدَّم تحقيق هذا عند قوله تعالى: {وادعوا شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ الله}[البقرة: ٢٣] في البقرة. والثاني أجازه أبو البقاء أن يكونَ في موضِعِ نصبٍ صفةً لأولياء، فعلى هذا يتعلَّقُ بمحذوفٍ. قوله:{وَمَن يَفْعَلْ ذلك} أدغم الكسائي في رواية الليث عنه اللام في الذال هنا، وفي مواضعَ أُخَرَ تقدَّم التنبيه عليها وعلى علتِها في سورةِ البقرة.
قوله:{مِنَ الله} الظاهِرُ أنَّه في محلِّ نصبٍ على الحال من «شيء» لأنه لو تأخَّر لكانَ صفةً له. و «في شيء» هو خبرُ ليس، لأن به تستقبلُّ فائدةُ الإِسناد، والتقدير: فليس في شيء كائنٍ من الله، ولا بد من حذف مضاف أي: فليس من ولاية الله، وقيل: مِنْ دِينِ الله. ونَظَّر بعضُهم الآية الكريمة ببيت النابغة:
١٢٢٣ - إذا حاوَلْتَ في أسدٍ فُجُوراً ... فإنِّي لَسْتُ منك ولَسْتَ مِنِّي
قال الشيخ:«والتنظير ليس بجيدٍ، لأنَّ» منك «و» مني «خبر» ليس «، تستقل به الفائدة، وفي الآية: الخبرُ قولُه» في شيء «فليس البيت كالآية» .
وقد نحا ابنُ عطيةَ هذا المَنْحَى الذي ذكرته عن بعضهم فقال: «