للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يجوز إمالتُه نحو: «رأيت عِرْقَى» بالإِمالة، وليس هذا من ذاك لِما تقدَّم لك من أن سبب الإِمالة في «عِرْقى» كسرةٌ ظاهرة.

وقوله: {مِنْهُمْ} متعلِّقٌ ب «تتقوا» ، أو بمحذوف على أنه حال من «تقاة» لأنه في الأصل يجوزُ أن يكونَ صفةً لها، فلما قُدِّم نُصِب حالاً. هذا إذا لم تجعل «تُقاة» حالاً، فأمّا إذا جَعَلْناها حالاً تعيَّن أن يتعلق «منهم» بالفعل قبله، ولا يجوز أن يكون حالاً من «تقاة» لفساد المعنى لأنَّ المخاطبين ليسُوا من الكافرين.

قوله: {نَفْسَهُ} مفعولٌ ثان لحَذَّر؛ لأنه في الأصل متعدٍّ بنفسه لواحد فازدادَ بالتضعيفَ آخرَ، وقدَّر بعضُهم حَذْفَ مضافٍ أي: عقاب نفسه. وصَرَّح بعضُهم بعدم الاحتياج إليه، كذا نقله أبو البقاء عن بعضهم، وليس بشيء، إذ لا بدَّ من تقديرِ هذا المضافِ لصحة المعنى، ألا ترى إلى غير ما نحن فيه في نحو قولك: «حَذَّرتك نفس زيد» أنه لا بد من شيء تُحَذِّر منه كالعقاب والسَّطْوة، لأن الذواتِ لا يُتَصَوَّر الحذرُ منها نفسها، إنما يُتَصَوَّر من أفعالِها وما يَصْدُر عنها. وعَبَّر هنا بالنفسِ عن الذات جرياً على عادة العرب، كما قال الأعشى:

١٢٢٩ - يَوْماً بأجودَ نائلاً منه إذا ... نفسُ الجَبانِ تَجَهَّمَتْ سُؤَّالها

وقال بعضهم: الهاء في «نفسه» تعود على المصدر المفهوم من قوله: {لاَّ يَتَّخِذِ} أي: ويحذِّرُكم الله نفسَ الاتخاذ، والنفسُ عبارة عن وجود الشيء وذاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>