أودُّ لو أَنْ أكرمَه أياً ضربَتْ هندٌ» لأنه يلزم منه تقديمُ المضمرِِ على مفسَّره في غير المواضِعِ التي ذكرها النحويون، فلذلك لا يجوز تأخيره. انتهى «.
وقد جَوَّز أبو البقاء كونَها شرطيةً، ولم يَلْتَفِتْ لِما مَنعوا به ذلك فقال:» والثاني: أنها شرط، وارتفع «تودُّ» على إرادة الفاء. أي: فهي تودُّ، ويجوز أن يرتفعَ من غير تقديرِ حرف لأن الشرطَ هنا ماضٍ، وإذا لم يظهر في الشرطِ لفظُ الجزم جاز في الجزاء الوجهان: الجزمُ والرفع «. انتهى وقد تقدَّم تحقيق القول في ذلك، والظاهرُ موافقتُهُ للقول الثالث في تخريج الرفع في المضارع كما تقدَّم تحقيقه.
وقرأ عبد الله وابنُ أبي عبلة» وَدَّت «بلفظ الماضي، وعلى هذه القراءةِ يجوزُ في» ما «وجهان، أحدهما: أن تكونَ شرطية، وفي محلِّها حينئذٍ احتمالان: الأولُ النصبُ بالفعلِ بعدها، والتقدير: أيَّ شيء عَمِلَتْ من سوء وَدَّتْ، فودَّتْ جوابُ الشرط. والاحتمالُ الثاني: الرفعُ على الابتداء، والعائدُ على المبتدأ محذوفٌ تقديرُهُ: وما عملته، وهذا جائزٌ في اسم الشرط خاصةً عند الفراء في فصيحِ الكلام، أعني حَذْفَ عائد المبتدأ إذا كان منصوباً بفعلٍ نحو:» أيُّهم تَضْرِبْ أُكْرمه «برفع أيهم، وإذا كان المبتدأ غيرَ ذلك ضَعُفَ نحو:» زيدٌ ضربْتُ «.
وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان في موضعين من القرآن، أحدُهما قراءةُ مَنْ قرأ:{أَفَحُكْمُ الجاهلية يَبْغُونَ}[المائدة: ٥٠] . والثاني:{وَكُلٌّ وَعَدَ الله الحسنى}[الآية: ١٠] في الحديد، واختلافُ الناس في ذلك.