قوله:{أنثى} فيه وجهان، أحدهما: أنها منصوبةٌ على الحال وهي حال مؤكدة لأن التأنيثَ مفهومٌ من تأنيث الضمير، فجاءت» أنثى «مؤكدة، قال الزمخشري» فإنْ قلت: كيف جاز انتصاب «أنثى» حالاً من الضمير في «وضَعَتْها» وهو كقولك: «وضَعَتِ الأنثى أنثى» ؟ قلت: الأصل وضَعَتْه أنثى، وإنما أُنِّث لتأنيث الحال، لأن الحال وذا الحال لشيء واحد كما أَنَّث الاسمَ في «مَنْ كانت أمَّك» لتأنيث الخبر. ونظيرُه قولُه تعالى:{فَإِن كَانَتَا اثنتين}[النساء: ١٧٦] ، وأمَّا على تأويل النَّسَمَة والحَبْلة فهو ظاهرٌ، كأنه قيل: إني وضَعْتُ الحَبْلَةَ والنَّسَمة أنثى «يعني أنَّ الحال على الجوابِ الثاني تكون مبيَّنةً لا مؤكدةً، وذلك لأن النسمة والحبلة تصدُق على الذَّكر وعلى الأنثى، فلمَّا حَصَل فيها الاشتراكُ جاءت الحالُ مبينة لها.
ألاَّ أنَّ الشيخَ ناقشه في الجواب الأول فقال:» وآل قَوْلُه يعني الزمخشري إلى أنها حال مؤكدة، ولا يُخْرِجُه تأنيثُه لتأنيث الحال عن أن تكون حالاً مؤكِّدة. وأمَّا تشبيهُه ذلك بقوله:«مَنْ كانت أمَّك» حيث عادَ الضميرُ على معنى «مَنْ» فليس ذلك نظيرَ «وضَعَتْها أنثى» لأن ذلك حُمِل على معنى «مَنْ» إذ المعنى: أيةُ امرأة كانَتْ أمَّك، أي: كانت هي أي أمَّك، فالتأنيثُ ليس لتأنيث الخبر، وإنما هو من باب الحَمْل على معنى مَنْ، ولو فرضنا أنه من تأنيث الاسم لتأنيث الخبر لم يكن نظيرَ «وضَعَتْها أنثى» لأنَّ الخبرَ تخصَّص بالإِضافة إلى الضميرِ، فاستُفيد من الخبرِ ما لا يُسْتفاد من الاسم، بخلافِ «أنثى» فإنه لمجردِ التوكيدِ. وأمَّا تنظيرُه بقولِهِ:{فَإِن كَانَتَا اثنتين} فيعني أنه ثَنَّى الاسم لتثنيةِ الخبرِ، والكلامُ عليه يأتي في مكانه، فإنه من