ولتكلُّمِها بذلك على وجه التَحزُّنِ والتحسُّرِ قال الله تعالى:{والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} تعظيماً لموضوعِها وتجهيلاً لها بقدْر ما وَهَبَ لها منه، ومعناه: والله أعلم بالشيء الذي وضعَتْ وما عَلِق من عظائم الأمور، وأَنْ يجعلَه وولدَه آيةً للعالمين، وهي جاهلةٌ بذلك لا تعلم منه شيئاً فلذلك تَحَسَّرت» .
وقد رجَّح بعضُهم القراءةَ الثانية على الأولى بقوله:{والله أَعْلَمُ} قال: «لو كان من كلامِ أم مريم لكانَ التركيبُ: وأنت أعلمُ» وقد تقدَّم جوابُ هذا وأنه التفات.
وقرأ ابنُ عباس:«وضَعْتِ» بكسر التاء على أنها تاءُ المخاطبة، خاطبها الله تعالى بذلك بمعنى: أنك لا تعلمين قَدْر هذه المولودة، ولا قَدْر ما عَلِمه الله فيها من عظائم الأمور.
قوله:{وَلَيْسَ الذكر كالأنثى} هذه الجملةُ تحتمل أن تكونَ معترضة، وأن يكونَ لها محلٌّ، وذلك بحسَبِ القراءات المذكورة في «وضعت» ، كما سيمرُّ بك تفصيله. والألفُ واللام في «الذَّكَر» يُحْتمل أن تكونَ للعهد، والمعنى: ليس الذكرُ الذي طلبَتْ كالأنثى التي وُهِبَتْ لها. قال الزمخشري:«فإنْ قلت: فما معنى قولِها:» وليس الذكر كالأنثى «؟ قلت: هو بيانٌ ل» ما «في قوله: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} من التعظيم للموضوعِ والرفعِ منه، ومعناه: وليس الذكر الذي طَلَبَتْ كالأنثى التي وُهِبت لها، والألفُ واللام فيهما للعهد» وأن تكون للجنس على أن مرادها أنَّ الذكر ليس كالأنثى في الفَضْلِ والمزيَّة؛ إذ هو صالح لخدمةِ المُتَعبِّدات وللتحرير ولمخالطةِ الأجانب بخلاف