والجمهورُ على أنَّ الملائكةَ المرادُ بهم واحدٌ وهو جبريلُ. قال الزجاج:» أتاه النداء من هذا الجِنس الذين هم الملائكةُ كقولِك: «فلان يركب السفنَ» أي: هذا الجنسَ «ومثلُه: {الذين قَالَ لَهُمُ الناس}[آل عمران: ١٧٣] وهم نعيم بن مسعود. وقوله» إنَّ الناس «يعني أبا سفيان، ولَمَّا كان جبريل رئيسَ الملائكة أَخْبَرَ عنه إخبارَ الجماعة تعظيماً له. وقيل:» الرئيس لا بُدَّ له من أتباع، فلذلك أَخْبَر عنه وعنهم، وإنْ كان النداءُ إنما صدر منه «، ويؤيِّدُ كونَ المنادى جبريلَ وحدَه قراءةُ عبدِ الله، وكذا في مصحفه:» فناداه جبريل «، والعطفُ بالفاء في قوله:{فَنَادَتْهُ} مُؤْذِنٌ بأنَّ الدعاء مُعْتَقِبٌ بالتبشير.
قوله:{وَهُوَ قَائِمٌ} جملةٌ حالية من مفعولِ النداء، و» يصلي «يحتمل أوجهاً، أحدها: أن يكونَ خبراً ثانياً عند مَنْ يرى تعدُّدَهُ مطلقاً نحو:» زيدٌ شاعرٌ فقيه «. الثاني: أنه حالٌ ثانية من مفعول النداء، وذلك أيضاً عند مَنْ يُجَوِّز تعدُّدَ الحال. الثالث: أنه حالٌ من الضمير المستتر في» قائم «فيكونُ حالاً من حال. الرابع: أن يكونَ صفةً لقائم.
قوله:{فِي المحراب} متعلقٌ بيُصَلِّي، ويجوزُ أنْ يتعلَّقَ بقائم إذا جَعَلْنا» يُصَلِّي «حالاً من الضمير في» قائم «؛ لأنَّ العامِلَ فيه حينئذٍ وفي الحالِ شيءٌ واحدٌ فلا يلزَمُ منه فصلٌ، أمَّا إذا جَعَلْناهُ خبراً ثانياً أو صفةً لقائم أو حالاً من المفعولِ لَزِمَ الفصلُ بين العامِلِ ومعمولِه بأجنبي، هذا معنى كلامِ