للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستأنَفَ يُؤْتى به تفسيراً لما قبله، إلا أنَّ الفرقَ بينه وبين ما قبله أنّ الوجهَ الذي قبلَه لا تَجْعَلُ له تعلُّقاً بما تقدَّم البتةَ، بل جيء به لمجردِ الإِخبارِ بما تضمَّنه، والوجه الثالث تقول: إنه متعلِّقٌ بما تقدَّمه، مُفَسِّر له.

وأمَّا قراءةُ الجماعةِ ففيها أربعةُ أوجهٍ أحدُها: أنها بدلٌ من «أني قد جئتكم» فيجيءُ فيها ما تقدَّم في تلك لأنَّ حكمَها حكمُها. الثاني: أنها بدلٌ من «آية» فتكونُ محلَّها، أي: وجئتكم بأني أخلقُ لكم، وهذا نفسُه آيةٌ من الآيات، وهذا البدلُ يَحْتمل أن يكونَ كلاً مِنْ كل إنْ أُريد بالآية شيءٌ خاص، وأَنْ يكونَ بدلَ بعضٍ من كل إنْ أُريد بالآيةِ الجنس. الثالث: أنها خبرٌ مبتدأٍ مضمرٍ تقديرُه: هي أني أخلق أي: الآيةُ التي جئت بها أني أخلُقُ، وهذه الجملةُ في الحقيقةِ جوابٌ لسؤالٍ مقدَّر كأن قائلاً قال: وما الآيةُ؟ فقال: ذلك. الرابعُ: أن تكونَ منصوبةً بإضمارِ فعلٍ، وهو أيضاً جوابٌ لذلك السؤالِ كأنه قال: أعني أنِّي أخلق، وهذان الوجهان يلاقيان في المعنى قراءةَ نافع على بعضِ الوجوهِ فإنهما استئناف.

و «لكم» متعلِّقٌ بأخلُقُ، واللامُ للعلة، أي: لأجلكم بمعنى: لتحصيل إيمانِكم ودَفْعِ تكذيبِكم إياي، وإلاَّ فالذواتُ لا تكونُ عِلَلاً بل أحداثُها.

و «من الطين» متعلقٌ به أيضاً، و «مِنْ» لابتداءِ الغاية، وقولُ مَنْ قال: إنها للبيان «تساهلٌ، إذ لم يَسْبِقْ منهم تبيُّنه.

قوله: {كَهَيْئَةِ الطير} في موضع هذه الكافِ ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنها نعتٌ لمفعول محذوف تقديره: أني أخلُق لكم هيئةً مثلَ هيئةِ الطير، والهيئةُ: إمَّا مصدرٌ في الأصل/ ثم أُطْلِقَتْ على المفعولِ أي المُهَيّأ كالخَلْق بمعنى المخلوق، وإمَّا اسمٌ لحال الشيء، وليست مصدراً، والمصدرُ: التهَيُّؤُ والتَّهْيِيءُ والتَّهْيِئَةُ، ويُقال: [هاءَ الشيءُ يَهِيْءُ هَيْئَاً وهَيْئَِةً إذا تَرَتَّب واستقرّ على

<<  <  ج: ص:  >  >>