ولا طيرٍ» دونَ ألف، ولم يقرَأْه أحدٌ إلا «طائر» بالألف، فالرسمُ محتملٌ لا منافٍ.
وقال بعضُهم كالشارح لِما قَدَّمْتُه:«ذهب نافع إلى نوع واحد من الطير لأنه لم يَخْلُق غيرَ الخفاش» . وزعم آخرون أنَّ معنى قراءتِهِ: يكونُ كلُّ واحدٍ مما أنفخ فيه طائراً، قال: كقولِهِ تعالى: {فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤] أي: اجلِدوا كلَّ واحدٍ منهم، وهو كثيرٌ في كلامهم.
وأما قراءةُ الباقين فمعناها يُحتمل أَنْ يُراد به اسمُ الجنس، أي: جنسِ الطير، فيُحتْمل أَنْ يُرادَ به الواحدُ فما فوقَه، ويُحتمل أن يُرادَ به الجمعُ، ولا سيما عند مَنْ يرى أنَّ «طيراً» صيغتُه جمعٌ نحو: / رَكْب وصَحْب وتَجْر جمعَ راكب وصاحب وتاجر وهو الأخفش، وأمَّا سيبويه فهي عنده أسماءُ جموعٍ لا جموعٌ صريحةٌ، وقد تقدَّم لنا الكلامُ على ذلك في البقرة. وحَسَّنَ قراءةَ الجماعةِ موافقتُه لِما قبله في قوله:«من الطيرِ» ولموافقةِ الرسم لفظاً ومعنى.
قوله:{بِإِذْنِ الله} يجوزُ أَنُ يتعلَّقَ ب «طائراً» وهذا على قراءةِ نافع، وأما على قراءة غيره فلا يتعلق به، لأِنَّ طيراً اسمُ جنسٍ فيتعلَّقُ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لطير، أي: طيراً ملتبساً بإذن اللهِ ِأي: بتمكينهِ وإقرارِهِ. وقال أبو البقاء:«متعلِّقٌ بيكون» ، وهذا إنَّما يَظْهَرُ إذا جَعَلَ «كان» تامةً، وأما إذا جَعَلها ناقصةً ففي تعلُّقِ الظرفِ بها الخلافُ المشهور.
قوله:{وَأُبْرِىءُ الأكمه} وأُبْرىء عطفٌ على «أَخْلُق» فهو داخلٌ في حَيِّز «أني» ، ويقال: أَبْرَأْتُ زيداً من العاهةِ ومِن الدَّيْنِ، وبَرَّاتُكَ من الدَّين