والبَرَصُ داءٌ معروفٌ وهو بياضٌ يَعْتَرِي الإِنسانَ، ولم تكن العرب تَنْفِرُ مِنْ شيءٍ نَفْرَتَها منه، يُقال: بَرِصَ يَبْرَصُ بَرَصاً، أي: أصابه ذلك، ويُقال لَه: الوَضَح، وفي الحديث:» وكان بها وضَح «والوضَّاح مِنْ ملوك العرب هابُوا أَنْ يقولوا له الأبرصَ، ويقال للقمر: أبرصُ لشدةِ بياضِهِ. وقال الراغب:» للنكتةِ التي عليه «وليس بظاهرٍ، فإنَّ النكتةَ التي عليه سوداءُ، والوَزَغُ: سامٌّ أبرصَ لبياضِهِ، والتبريص: الذي يلمع لَمَعان البرصِ ويُقارِبُ البصيصَ.
قوله:{بِمَا تَأْكُلُونَ} يجوزُ في» ما «أن تكونَ موصولةً اسميةً أو حرفيةً أو نكرةً موصوفةً، فعلى الأولى والثالثِ يَحْتاج إلى عائدٍ بخلافِ الثاني عند الجمهورِ، وكذلك» ما «في قولِهِ:» وما تَدَّخِرُون «محتملةٌ لِما ذُكِرَ.
وأَتَى بهذه الخوارِق الأربعِ بلفظِ المضارعِ دلالةً على تجدُّدِ ذلك كلَّ وقتٍ طُلِبَ منه، وقَيَّد قولَهُ:» أني أخلُق «إلى آخرِهِ» بإذن الله «لأنه خارقٌ عظيمٌ، فأتى به دَفْعاً لتوهُّمِ الإِلهيةِ، ولم يأتِ به فيما عُطِفَ عليه في قوله:» وأُبْرِىء «، ثم قَيَّدَ الخارِقَ الثالثَ أيضاً» بإذنِ الله «لأنه خارقٌ عظيمٌ أيضاً، وعَطَفَ عليه قولَهُ:» وأنبِّئكم «من غيرِ تقييدٍ له مَنْبَهَةً على عِظَمِ ما قبلَه ودَفْعاً لوَهْمِ مَنْ يَتَوهَّم فيه الإِلهية، أو يكون قد حَذَفَ القَيْدَ من المعطوفَيْنِ اكتفاءً به في الأولِ، وما قَدَّمْتُه أحسنُ.
وتَدَّخِرون: قراءةُ العامة بدالٍ مشددةٍ مهملةٍ، وأصلُه تَذْتَخِرُون تَفْتَعِلُون من الذُّخْر وهو التخبِئَةُ، يقال: ذَخَر الشيءَ يَذْخَرُه ذُخْراً فهو ذاخِر ومَذْخُور أي: خَبَّاه، قال الشاعر: