الكلمة، ولا معنى للوصفيةِ في التشابهِ، ومعنى المثل في كلامِهم أنها كلمةٌ يرسلُها قائلُها لحكمةٍ يُشَبِّه بها الأمورَ ويقابِلُ بها الأحوالَ» قلت: فقد فَرَّق بين لفظِ المثل في الاصطلاحِ وبين الصفة.
وقال بعضُهم: إنَّ الكافَ زائدةٌ، وبعضُهم قال: إنَّ «مَثَلاً» زائد. فقد تحصَّل في الكاف ثلاثة أقوال، أظهرها: أنها على بابها من الحرفية وعدمِ الزيادة، وقد تقدَّم تحقيقه. وقال الزمخشري:«فإن قلت: كيف شُبِّه به وقد وُجِد هو بغير أب، ووُجِد آدمُ بغيرِ أب ولا أم؟ قلت: هو مثلُه في أحدٍ الطرفين، فلا يَمْنَعُ اختصاصُه دونَه بالطرفِ الآخرِ مِنْ تشبيهِه به، لأنَّ المماثلَة مشاركةٌ في بعضِ الأوصافِ، ولأنه شُبِّه به في أنه وُجِد وجوداً خارجاً عن العادةِ المستمرةِ وهما في ذلك نظيران، ولأنَّ الوجود من غير أب وأم أغربُ وأخرقُ للعادةِ من الوجود بغير أب، فَشَبَّه الغريبَ بالأغرب ليكون أقطعَ للخصمِ وأَحْسَمَ لمادة شُبْهته. وعن بعضِ العلماء أنه أُسِر بالروم فقال لهم: لِمَ تعبدون عيسى؟ قالوا: لأنه لا أب له، قال: فآدم أولى لأنه لا أبوين له، قالوا: فإنه كان يحيي الموتى، قال: فحزقيل أَوْلى لأن عيسى أحيا أربعة نفر، وحزقيل أحيا ثمانية آلاف. قالوا: كان يبرىء الأكمة والأبرص. قال: فجرجيس أولى لأنه طُبخ وأُحْرِقَ ثم خَرَج سالماً» .
قوله:{مِن تُرَابٍ} في وجهان، أظهرُهما: أنه متعلِّقٌ ب «خلقه» أي: ابتداءُ خلقه من هذا الجنس، والثاني: أنه حالٌ من مفعول «خلقه» تقديره: خَلَقه كائناً مِنْ تراب، وهذا لا يساعِدُه المعنى.