من العلم» يُحْتمل أن تكونَ تبعيضيَّةً وهو الظاهرُ وأَنْ تكونَ لبيان الجنس.
قوله:{تَعَالَوْاْ} العامةُ على فتح اللام لأنه أمرق من تعالَى يَتَعالى، كترامى يترامى، وأصلُ ألفِه ياءٌ، وأصلُ هذه الياء واو، وذلك أنه مشتقٌ من العلوِّ وهو الارتقاعِ كما سيأتي بيانُه في الاشتقاق، والواوُ متى وقَعَتْ رابعةً فصاعداً قُلِبَتْ ياءً فصار تعالَوَ: تعالَيَ، فتحرَّك حرفُ العلة وانفتح ما قبلَه فَقُلِب ألفاً فصار: تعالَى كَترامى وتغازَى، فإذا أَمَرْتَ منه الواحدَ قلت: تعالَ يا زيدُ، بحَذْفِ الألف، وكذا إذا أَمَرْتَ الجمعَ المذكَّر قلت: تعالَوا؛ لأنك لمَّا حَذَفْتَ الألف لأجلِ الأمرِ أبقَيْتَ الفتحَة مُشْعرةً بها. وإن شئت قلت: الأصل: تعالَيُوا، وأصلُ هذه الياءِ واوٌ كما تقدَّم، ثم استُثْقِلت الضَّمةُ على الياءِ فَحُذِفَتْ ضمتُها فالتقى ساكنان، فحُذِف أولُهما وهو الياء لالتقاء الساكنين وتُرِكت الفتحةُ على حالِها. وإنْ شئت قلت: لَمَّا كان الأصلُ: تعالَيُوا تحرَّك حرف العلة وانفتح ما قبله وهو الياء فَقُلِب ألفاً فالتقى ساكنان، فحُذِف أولُهما وهو الألف وبقيت الفتحة دالة عليه.
والفرقُ بين هذا وبين الوجه الأول أن الألف في الوجه الأول حُذِفَت لأجل الأمر وإن لم تتصل به واو ضمير، وفي هذا حُذِفت لالتقائها مع واو الضمير.
وكذلك إذا أَمَرْتَ الواحدة تقول لها «تعالَيْ» ، فهذه الياء هي ياء الفاعلة من جملة الضمائر، والتصريفُ كما تقدم، إلا أنك تقول هنا: الكسرة على الياءَ بَدَلٌ الضمة هناك، وأمَّا إذا أَمَرْتَ المثنى فإن الياء تثبت فتقول: يا زيدان تعالَيا، ويا هندان تعاليا أيضاً، يَسْتوي فيه المذكران والمؤنثان، وكذلك أمرُ جماعة الإِناث تَثْبُت فيه الياء تقول: يا نسوة تعالَيْن، وقال تعالى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ}[الأحزاب: ٢٨] إذ لا مقتضى للحذف ولا للقلبِ، وهو ظاهرٌ بما تمهَّد من القواعد.