قوله:{وَتَكْتُمُونَ الحق} جملةٌ مستأنفة، ولذلك لم يَنْتَصِبْ بإضمار أَنْ في جواب الاستفهام، وقد أجاز الزجاج من البصريين، والفراء من الكوفيين فيه النصبَ من حيث العربيةُ، فتسقطُ النون، فينتصِبُ على الصرف عند الكوفيين، وبإضمار أَنْ عند البصريين، وقد مَنَع ذلك أبو علي الفارسي وأَنْكره، وقال:«الاستفهامُ واقعٌ على اللَّبْسِ فَحَسْب، وأما» تكتمُون «فخبرٌ حتم لا يجوز فيه إلا الرفعُ» ، يعني أنه ليس معطوفاً على «تَلْبِسون» بل هو استئناف، خَبَّر عنهم أنهم يكتمون الحق مع علمهم أنه حق. ونقل أبو محمد بن عطية عن أبي عليّ أنه قال أيضاً:«الصرف ههنا يَقْبُح، وكذلك إضمارُ» أَنْ «، لأن» يكتمون «معطوف على موجب مقدر وليس بمستفهم عنه، وإنما استَفْهم عن السبب في اللبس، واللَّبْس موجب، فليست الآيةُ بمنزلةِ قولهم:» لا تأكلِ السمكَ وتَشْرَب اللبن «وبمنزلةِ قولك:» أتقومُ فأقومَ «والعطفُ على الموجب المقرَّر قبيح متى نُصِب، إلا في ضرورةِ شعر كما رُوِي:
وقد قال سيبويه في قولك:» أَسِرْتَ حتى تَدخُلَها؟ «لا يجوز إلا النصبُ في» تدخل «لأن السير مُسْتَفْهَمٌ عنه غيرُ موجَبٍ» ، وإذا قلنا:«أيُّهم سار حتى يدخُلها؟ رَفَعْتَ لأن السيرَ موجب والاستفهامُ إنما وقع عن غيره» .