سبك مصدرٌ مستقبلٌ من الجملةِ الاستفهاميةِ سَبَكْناه مِنْ لازِمها، ويَدُلُّ على إلغاء هذا الشرطِ والتأويلِ بما ذكرناه ما حكاه ابن كيسان مِنْ نصب المضارع بعد فعلٍ ماض محققِ الوقوعِ مستفهم عنه نحو: أين ذهب زيد فنتبعَه؟ ومن أبوك فنكرمَه؟ وكم مالُك فنعرفَه؟ كلُّ ذلك متأوَّلٌ بما ذكرت من انسباك المصدرِ المستقبلِ من لازمِ الجملِ المتقدمة فإنَّ التقدير: ليكنْ منك إعلامٌ بذهابِ زيد فاتِّباعٌ منا، وليكن منك إعلامٌ بأبيك فإكرامُ له منا، وليكن منك تعريفٌ بقَدْرِ مالك فمعرفةُ منا «وهذا البحث الطويل على تقدير شيء لم يقع، فإنه لم يُقرأ لا في الشاذ ولا في غيرِه إلا ثابت النون، ولكن للعلماء غرضٌ في تطويل البحث تنقيحاً للذهن.
ووراءَ هذا قراءةٌ مُشْكلةَ رَوَوها عن عبيد بن عمير وهي» لِمَ تَلْبِسوا وتكتُموا «بحذف النون من الفعلين، وهي قراءةٌ لا تبعد عن الغلط البَحْت، كأنه تَوَهَّمَ أنَّ» لِمَ «هي» لم «الجازمة فَجَزَمَ بها/ وقد نقل المفسرون عن بعض النحاة هنا أنهم يَجْزِمون ب» لِمَ «حملاً على لَمْ، نقل ذلك السجاوندي وغيرُه عنهم، ولا أظنُّ نحوياً يقول ذلك البتة، كيف يقول في جارٍ ومجرورٍ إنه يجزم!! هذا ما لا يتَفَوَّه به البتة ولا يَطيق سماعَه، فإن يَثْبُتْ هذا قراءةً ولا بد فليكُنْ مِمَّا حُذِفَ فيه نون الرفع تخفيفاً حيث لا مقتضى لحَذْفِها، ومن ذلك قِراءةُ بعضهم:{قَالُواْ ساحران تَظَّاهَرَا}[القصص: ٤٨] بتشديدِ الظاءِ، والأصلُ: تتظاهران، فَأَدْغَمَ التاءَ في الظاء وحَذَفَ النون تخفيفاً، وفي الحديث:» والذي نفسي بيده لا تَدخُلوا الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تُؤمِنوا حتى تَحابُّوا «يريد عليه السلام: