مفعولين، ويكونُ المعنى:» ولا تُقِرُّوا بأَنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أُوتيتم إلا لمَنْ تَبعَ دينكم كما تقولُ: أَقْرَرَتُ لزيدٍ بألف، فتكونُ اللامُ متعلقةً بالمعنى، ولا تكونُ زائدةً على حدِّ {رَدِفَ لَكُم}[النمل: ٧٢]{إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}[يوسف: ٤٣] . قلت: فهذا تصريحٌ من أبي علي بأنه ضُمِّنَ آمَنَ معنى أَقَرَّ.
قوله:{أَن يؤتى أَحَدٌ} اعلم أنَّ في هذه الآية كلاماً كثيراً لا بد من إيرادِهِ عن قائليهِ ليتضحَ ذلك، فأقولُ وباللهِ العون: اختلفَ الناس في هذه الآيةِ على [وجوهٍ:] أحدُها: أنْ يكونَ {أَن يؤتى أَحَدٌ} متعلِّقاً بقوله: {وَلاَ تؤمنوا} على حذف حرفِ الجر، والأصلُ:«ولاتؤمنوا بأَنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم إلا لِمَنْ تَبعَ دينَكم» فلمَّا حُذِفَ حرفُ الجَرِّ جرى الخلاف المشهورُ بين الخليل وسيبويه في محل «أَنْ» ، ويكونُ قولُهُ:{قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله} جملةً اعتراضيةً، قال الزمخشري في تقريرِ هذا الوجهِ وبه بدأ:«ولا تُؤْمِنُوا متعلِّقٌ بقولِهِ:» أَنْ يُؤْتَى أحد «، وما بينهما اعتراضٌ أي:» ولا تُظْهِرُوا إيمانكم بأنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم إلا لأهل دينكم دونَ غيرِهم، أرادوا: أسِرُّوا تصديقَكم بأنَّ المسلمين قد أُوتوا مثلَ ما أوتيتم ولا تُفْشُوه إلا لأشياعِكم وحدَهم دونَ المسلمين، لئلا يَزيدَهم ثباتاً، ودونَ المشركين لئلا يَدْعُوهم إلى الإِسلام، أو يُحاجُّوكم عطفٌ على «أَنْ يُؤْتَى» .
والضميرُ في «يُحاجُّوكم» لأحد لأنه في معنى الجميع، بمعنى: ولا تؤمنوا لغير أتباعكم، فإن المسلمين يُحاجُّوكم عند ربكم بالحق، ويغالِبونُكم عند الله. فإنْ قلت: ما معنى الاعتراض؟ قلت: معناه أن الهدى هدى الله، مَنْ شاءَ أَنْ يلطف به حتى يُسْلِمَ أو يَزيدَ ثباتاً كان ذلك، ولم ينفع كَيْدُكم وحِيَلُكُم