وقال حمزة بن عبد المطلب:» وهل أنتم إلا عبيدٌ لأبي «، ومنه:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦] لأنه مكان تشفيقٍ وإعلامٍ بقلة انتصارهم ومَقدِرتهم، وأنه تعالى ليس بظلامٍ لهم مع ذلك، ولما كانت لفظةُ العباد تقتضي الطاعة لم تقع هنا، ولذلك أَنِس بها في قوله تعالى:
{قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ}[الزمر: ٥٣] «فهذا النوعُ من النظر يَسْلُك بك سبيلَ العجائب في فصاحة القرآن العزيز على الطريقةِ العربية» قال الشيخ: «وفيه بعضُ مناقشة أمَّا قولُه: ومِنْ جموعِه عبيد وعِبدَّى» فأمَّا «عبيد» فالأصحُّ أنه جمع. وقيل: اسم جمع، «وأَما عِبِدَّى فاسم جمع، وألفه للتأنيث» قلت: لا مناقشة، فإنه إنما يعني جمعاً معنوياً ولا شك أنَّ اسمَ الجمعِ جمعٌ معنوي. ثم قال:«وأمَّا ما استقراه من أنَّ» عباداً «يُساقُ في معنى الترفع والدلالة على الطاعة دونَ أن يقترِنَ بها معنى التحقير والتصغير وإيرادُهُ ألفاظاً في القرآن بلفظ العباد، وأَمَّا قوله:» وأمَّا العبيد فَيُستعمل في تحقير وأنشد بيتَ امرىء القيس وقولَ حمزة «وهل أنتم إلا عبيدُ أبي» وقوله تعالى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} فاستقراءُ ليس بصحيح، وإنما كَثُرَ استعمال «عباد» دون «عبيد» لأنَّ فِعالاً في جمع فَعْل غير اليائي العين قياسيٌّ مطرد، وجمع فَعْل على فَعيل لا يَطِّرد. قال سيبويه:«وربما جاء فَعِيلاً وهو قليل نحو: الكليب والعبيد» فلما كان فِعال مقيساً في جمع «عبد» جاء «عباد» كثيراً. وأما {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} فَحَسَّن مجيئه هنا وإن لم يكن مقيساً أنه جاء لتواخي الفواصل، ألا ترى أنَّ قبله {أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ