وهو أن تكون موصولةً، وحينئذٍ تحتاجُ إلى عائد وهو مقدَّر، أي: بسبب الذي تُعَلِّمون به الكتاب، وقد نقَص شرطُ وهو اتحاد المتعلَّق فلذلك لم يظهر جَعْلُها غيرَ مصدرية.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو:«تَعْلَمُون» مفتوحٌ حرفُ المضارعة، ساكنُ العينِ مفتوحُ اللام من: عَلِمَ يَعْلَم، أي: تعرفون فيتعدى لواحد، وباقي السبعة بضم حرف المضارعة وفتح العين وتشديد اللام مكسورةً، فيتعدى لاثنين أولهما محذوف، تقديره: تُعَلِّمون الناس والطالبين الكتابَ، ويجوز ألاَّ يُرادَ مفعول أي: كنتم من أهلِ تعليم الكتاب، وهو نظيرُ:«أطعم الخبز» المقصودُ الأهمُّ إطعامُ الخبزِ من غيرِ نظر إلى مَنْ يُطْعِمُه، فالتضعيف فيه للتعدية.
وقد رَجَّح جماعة هذه القراءةَ على قراءة نافع بأنها أَبْلَغُ؛ وذلك أَنَّ كلَّ مُعَلِّمٍ عالمٌ، وليس كلُّ عالمٍ مُعَلماً، فالوصفُ بالتعليم أبلغُ، وبأن قبله ذِكْرَ الربانيين، والربَّانيُّ يقتضي أَنْ يَعْلَمَ ويُعَلِّمَ غيره، لا أن يَقْتَصَر بالعلم على نفسه.
ورجَّح بعضُهم الأولى بأنه لم يُذْكَر إلا مفعولٌ واحدٌ والأصل عدم الحذف، والتخفيف مُسَوِّغٌ لذلك بخلاف التشديد، فإنه لا بد من تقدير مفعول، وأيضاً فهو أوفقُ لتدرُسون. والقراءتان متواترتان فلا ينبغي ترجيحُ إحداهما على الأخرى، وقد قَدَّمت ذلك في أوائل هذا الموضوع.