الملوكُ إِجلالاً مِنَ الله لقَدْرِ نبيه» قلت: وهو معنًى حسن. والاحتمال الثاني: أن يكونَ المأمور بهذا المقولِ مَنْ تَقَدَّم، والتقدير: قل لهم قولوا آمنَّا، فآمنَّا منصوبٌ بقُل على الاحتمالِ الأول، وبقولوا المقدرِ على الثاني، وذلك القولُ المضمر منصوبٌ المحل.
وهذه الآية شبيهةٌ بالتي في البقرة، إلاَّ أنَّ هنا تعديةَ أنزل بعلى، وهناك بإلى. فقال الزمخشري:«لوجودِ المعنيين جميعاً لأنَّ الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسل، فجاء تارةً بأحد المعنيين وأخرى بالآخر» وقال ابن عطية: «الإِنزالُ على نبي الأمة إنزالٌ عليها» ، وهذا لا طائل فيه بالنسبة إلى طلب الفرق. وقال الراغب:«إنَّما قال هنا» على «لأن ذلك لَمَّا كان خطاباً للنبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان واصلاً إليه من الملأ الأعلى بلا واسطةٍ بشريةٍ كان لفظُ» على «المختصُّ بالعلو أَوْلى به، وهناك لَمَّا كان خطاباً للأمة، وقد وصل إليهم بواسطة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لفظُ» إلى «المختصُّ بالإِيصال أَوْلى، ويجوزُ أَنْ يقال:» أَنْزَلَ عليه «إنما يُحمل على ما أُمِرَ المُنَزَّلُ عليه أَنْ يُبَلِّغه غيرَه، و» أَنْزَل إليه «على ما خُصَّ به في نفسِه وإليه نهايةُ الإِنزال، وعلى ذلك قال:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت: ٥١] وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] خُصََّ هنا بإلى لَمَّا كان مخصوصاً بالذكر [الذي] هو بيانُ المُنَزَّل، وهذا كلامٌ في الأَوْلى لا في الوجوب» .