محمولٌ على المعنى كأنه قيل: فَلَنْ يُقبل من أحدِهم فديةٌ ولو افتدى بملء الأرض» . انتهى. والذي ينبغي أن يُحْمل عليه أن الله تعالى أخبر أنَّ مَنْ ماتَ كافراً لا يُقْبل منه ما يَملأ الأرض من ذَهبٍ، على كل حال يَقْصِدُها ولو في حال افتدائه من العذاب، وذلك أنَّ حالة الافتداءِ حالةٌ لا يمتَنُّ فيها المفتدي على المفتدَى منه إذ هي حالةُ قهرٍ من المفتدَى منه للمفتدِي.
قال الشيخ:«وقد قَرَّرنا من نحوِ هذا التركيب أنَّ» لو «تأتي مَنْبَهَةً على أَنَّ ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء، وما بعدها جاء تنصيصاً على الحالة التي يُظَّنُّ أنها لا تندَرجُ فيما قبلها، كقوله عليه السلام:» اعطُوا السائل ولو جاء على فرس «و» رُدُّوا السائل ولو بِظِلْفٍ مُحْرَق «، كأنَّ هذه الأشياء كان ممَّا ينبغي أن لا يُؤْتى بها، لأنَّ كونَ السائلِ على فرسٍ يُشْعر بغناه فلا يناسبُ أَنْ يُعْطى، وكذلك الظِّلْفُ المُحرَقُ لا غناءَ فيه، فكان يناسِبُ ألاَّ يُرَدَّ به السائل» .
وقيل: الواو هنا زائدةٌ، وقد يتأيَّد هذا بقراءة ابن أبي عبلة «لو افتدى به» دون واوٍ، ومعناها أنه جُعِل الافتداءُ شرطاً في عدم القبول فلم يتَعمَّمْ نَفْيُ وجود القبولِ. و «لو» قيل: هي هنا شرطية بمعنى إنْ، لا التي معناها لِما كان سيقع لوقوع غيره، لأنها مُعَلَّقة بمستقبل، وهو قوله:{فَلَن يُقْبَلَ} وتلك مُعَلَّقَةٌ بالماضي.
وافتدى: افْتَعَلَ من لفظِ الفِدْيَة وهو متعدٍّ لواحدٍ لأنه بمعنى فَدَى، فيكونُ افْتَعَل فيه وفَعَل بمعنىً نحو: شَوَى واشتوى، ومفعولُه محذوف تقديره: افتدى نفسَه.