للإِجماع فقال:» ويَصِحُّ أن يكونَ «التقاة» في هذه الآيةِ جمعَ فاعل، وإنْ كان لم يتصَّرفْ منه فيكونُ كرماة ورامٍ، أو يكونُ جمعَ تَقِيّ، إذ فَعِيل وفاعل بمنزلة، ويكونُ المعنى على هذا: اتقوا اللهَ كما يَحِقُّ أن يكونَ مُتَّقُوه المختصُّون به، ولذلك أُضيفوا إلى ضمير الله تعالى «. قال الشيخ:» وهذا المعنى يَنْبُو عنه هذا اللفظ، إذ الظاهرُ مِنْ قولِهِ {حَقَّ تُقَاتِهِ} من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، كما تقول:«ضربْتُ زيداً شديدَ الضرب» أي الضربَ الشديدَ، وكذلك هذا أي: اتقوا اللهَ الاتقاءَ الحقَّ أي: الواجبَ الثابتَ، أمَّا إذا جَعَلْتَ التقاةَ جمعاً فإن المعنى يصيرُ مثل: اضرِبْ زيداً حقَّ ضِرابِهِ، فلا يَدُلُّ هذا التركيبُ على معنى: اضربْ زيداً كما يحِقُّ أن يكونَ ضِرابُه، بل لو صَرَّح بهذا التركيب لاحتيجَ في فهم معناه إلى تقديرِ أشياءَ يَصِحُّ بتقديرِها المعنى، والتقديرُ: اضرب زيداً ضرباً حقاً كما يَحِقُّ أن يكونَ ضربُ ضِرابِه، ولا حاجةَ تَدْعو إلى تحميلِ اللفظِ غيرَ ظاهرِهِ وتكلُّفِ تقاديرَ يَصِحُّ بها معنىً لا يَدُلُّ عليها اللفظُ «.
قوله:{وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} هو نَهْيٌ في الصورة عن مَوْتهم إلاَّ على هذه الحالة، والمرادُ دوامُهم على الإِسلام، وذلك أن الموتَ لا بُدَّ منه، فكأنه قيل: دُوموا على الإِسلام إلى الموت، وقريبٌ منه ما حكى سيوبيه:» لا أُرَيَنَّك ههنا «أي لا تكنْ بالحضرةِ فتقَعَ عليك رؤيتي. والجملةُ مِنْ قولِهِ:{وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} في محل نصب على الحال والاستثناءُ مفرغٌ من الأحوالِ العامة أي: لا تموتُنَّ على حالةٍ من سائر الأحوال إلا على هذه الحال الحسنة، وجاء بها جملةً اسميةً لانها أبلغُ وآكد، إذ فيها ضميرٌ متكررٌ، ولو قيل:» إلاَّ مسلمين «لم يُفِدْ هذا التأكيدَ، وتقدَّم إيضاحُ هذا التركيب في البقرة عند قولِه