قال ابن عطية:«فأصبحتم» عبارةٌ عن الاستمرار، وإن كانت اللفظة مخصوصةً بوقت، وإنما خُصَّتْ هذه اللفظةُ بهذا المعنى من حيث هي مبدأُ النهار، وفيها مبدأُ الأعمالِ، فالحالُ التي يُحِسُّها المرءُ مِنْ نفسه فيها هي التي يستمر عليها يومُه في الأغلب، ومنه قول الربيع بن ضبع:
١٣٧٤ - أَصْبَحْتُ لا أَحْمِلُ السِّلاح ولا ... أَمْلِكُ رأسَ البعيرِ إنْ نفرا
قال الشيخ:«وهذا الذي ذكره مِنْ أَنَّ» أصبح «للاستمرار، وعَلَّله بما ذكره لم أَرَ أحداً من النحويين ذهب إليه، إنما ذكروا أنها تستعمل بالوجهين اللذيْنِ ذكرناهما» قلت: وهذا الذي ذكره ابنُ عطية معنىً حسنٌ، وإذا لم ينصَّ عليه النحويون لا يُدْفَعُ، لأَنَّ النحاةَ غالِباً إنما يتحدثون بِما يتعلَّقُ بالألفاظ، وأمَّا المعاني المفهومةُ من فحوى الكلامِ فلا حاجةَ لهم بالكلامِ عليها غالباً.
والإِخْوان: جمع أَخٍ، وإخوة اسمُ جمعٍ عند سيبويه وعند غيرِه هي جمع. وقال بعضُهم:«إنَّ الأَخَ في النسَب يُجْمع على» إخوة «، وفي الدِّين على» إخْوان «، هذا أَغلبُ استعمالِهم، قال تعالى:{إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] ، ونفسُ هذه الآية تؤيد ما قاله لأن المراد هنا ليس إخوة النسب إنما المرادُ إخوةُ الدين والصداقة، قال أبو حاتم:» ثم قال أهلُ البصرة: الإِخوةُ في النسبِ والإِخْوان في الصداقة «قال:» وهذا غَلَط، يقال للأصدقاء والأنسباء