والثاني: أنه عائدٌ على «النار» قال الطبري: «إنَّ بعضَ الناسِ يُعيده على الشَّفا، وأنَّثَ مِنْ حيثُ كان الشَّفا مضافاً إلى مؤنث، كما قال جرير:
١٣٧٦ - أرى مَرَّ السنين أَخَذْنَ مني ... كما أخَذَ السِّرارُ مِن الهلال
قال ابن عطية:» وليس الأمر كما ذكروا، لأنه لا يُحتاج في الآية إلى مثل هذه الصناعة، إلا لو لم نجد للضمير معاداً إلا الشفا، أَما ومَعَنا لفظٌ مؤنثٌ يعودُ الضميرُ عليه/ ويَعْضُده المعنى المُتَكَلَّمُ فيه فلا يُحتاج إلى تلك الصناعةِ «قال الشيخ:» وأقول: لا يَحْسُنُ عَوْدُه إلاَّ على الشَّفا؛ لأنَّ كينونتَهم على الشَّفا هو أحدُ جُزْأَي الإِسناد، فالضميرُ لا يعودُ إلا عليه، وأمَّا ذِكْرُ الحفرةِ فإنما جاءَتْ على سبيل الإِضافةِ إليها، ألا ترى أنَّك إذا قلت:«كان زيدٌ غلامَ جعفر» لم يكن جعفر مُحَدَّثاً عنه، وليس أحدَ جُزْأَي الإِسناد، وكذا لو قلت:«زيد ضربَ غلامَ هندٍ» لم تُحَدِّث عن هندٍ بشيءٍ، وإنَّما ذكرْتَ جعفراً وهنداً مخصصاً للمُحَدَّث عنه، وأمَّا ذِكْرُ النارِ فإنما ذُكِر لتخصيصِ الحفرة، وليست أيضاً أحدَ جُزْأَي الإِسناد، وليست أيضاً مُحَدَّثاً عنها، فالإِنقاذ من الشفا أبلغُ من الإِنقاذِ من الحفرة ومِن النارِ، لأنَّ الإِنقاذَ من الشفا [يستلزم الإِنقاذَ من الحفرة ومن النار، والإِنقاذَ منهما لا يستلزِمُ الإِنقاذَ من الشفا] فعودُه على الشَّفا هو الظاهرُ من حيث اللفظُ ومن حيث المعنى «.