١٣٨٦ - وأنت امرؤٌ قد كَثَّأَتْ لك لِحْيَةٌ ... كأنك منها قاعدٌ في جُوالِقِ
ولو قيل في الآية الكريمة «أُخْرِجْتُم» مراعاة ل «كنتم» لكان جائزاً من حيث اللفظُ، ولكن لا يجوز أن يُقرأ به، لأن القراءةَ سنةٌ متبعة، فالأَولى أن تُجْعل الجملةُ صفةً ل «أمة» لا ل «خير» ليتناسبَ الخطابُ في قولِه: «تأمرون» .
قوله:«للناسٍ» فيه أوجه، أحدُها: أَنْ يتعلَّقَ ب «أُخْرجت» ، والثاني: أن يتعلَّق ب «خير» والفرقُ بينهما من حيث المعنى أنه لا يلزَمُ أن يكونوا أفضلَ الأمم في الوجهِ الثاني من هذا اللفظ، بل من موضعٍ أخر. والثالث: أنه متعلقٌ من حيثُ المعنى لا من حيث الإِعراب ب «تأمرون» على أنَّ مجرورَها مفعولٌ به، فلمَّا قُدِّمَ ضَعُفَ العاملُ فَقَوِيَ بزيادةِ اللام كقوله:{إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}[يوسف: ٤٣] أي: تَعْبُرون الرويا.
قوله:«تأمرون» في هذه الجملةِ أوجهُ أحدُها: أنها خبرٌ ثان ل «كنتم» ، ويكون قد راعى الضميرَ المتقدم في «كنتم» ، ولو راعى الخبرَ لقال:«يأمرون» بالغيبةِ، وقد تقدَّم تحقيقُهُ. والثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال، قاله الراغب وابن عطية. الثالث: أنها في محلِّ نصب نعتاً لخير أمة، وأتى بالخطابِ لِما تقدَّم، قاله الحوفي. الرابع: أنها مستأنفةٌ بَيَّنَ بها كونَهم خيرَ أمة، كأنه قيل: السببُ في كونِكم خيرَ الأممِ هذه الخصالُ الحميدة، وهذا أغربُ الأوجه.