اعتصامهم بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناس «، وعلى هذا فهو استثناءٌ متصلٌ وقال الزجاج والفراء:» هو استثناءٌ منقطعٌ «. فقدَّره الفراء:» إلاَّ أَنْ يَعْتصموا بحبل من الله «، فَحَذَف ما يتعلَّق به الجارُّ، كما قال حميد بن ثور الهلالي:
أراد: أقلبت بحبلَيْها، فَحَذَفَ الفعلَ للدلالة عليه. ونظَّره ابن عطية بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً}[النساء: ٩٢] قال:» لأن باديَ الرأي يُعْطي أنَّ له أن يَقْتُلَ خطأ، وأنَّ الحبل من الله ومن الناس يُزيل ضرب الذلة، وليس الأمر كذلك، وإنما في الكلام محذوف/ يدركه فهمُ السامعِ الناظرِ في الأمر، وتقديرُه في آيتنا:«فلا نجاة من الموت إلا بحبلٍ» قال الشيخ: «وعلى ما قَدَّره لا يكونُ استثناء منقطعاً لأنه مستثنى من جملة مقدرة وهي قوله:» فلا نجاة من الموت «وهو متصل على هذا التقدير، فلا يكون استثناء منقطعاً من الأول ضرورةَ أنَّ الاستثناءَ الواحدَ لا يكونُ منقطعاً متصلاً، والاستثناءُ المنقطعُ كما تقرَّر في علمِ النحو على قسمين: منه ما يُمْكِنُ أَنْ يتسلَّط عليه العاملُ، ومنه ما لا يمكن في ذلك، ومنه هذه الآيةُ على تقديرِ الانقطاعِ، إذ التقديرُ: لكنَّ اعتصامَهم بحبلٍ من اللهِ وحبلٍ من الناس يُنْجِيهم من القتلِ والأسْر وسَبْيَ الذَّراري واستئصالِ أموالِهم، ويَدُلُّّ على أنه