واختلفوا على الوقف على هذه اللفظة: هل يُوقف عليها بالتاء أو بالهاء؟
فقال الأخفش والفراء وابن كيسان:«الوقفُ عليها بالتاء إتباعاً لرسم المصحف» . وقال الكسائيّ والجرميّ:«يُوقَفُ عليها بالهاء لأنها تاء تأنيث، كهي في» صاحبه «. وموافقةُ الرسم أَوْلى، فإنه قد ثَبَتَ لنا الوقفُ على تاء التأنيث الصريحة بالتاء، فإذا وقفنا هنا بالتاء وافقنا تلك اللغة والرسم، بخلاف عكسِه.
قوله:{لاَ يَضُرُّكُمْ} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو:» يَضِرْكم «بكسر الضاد وجَزْم الراء على جواب الشرط من ضاره يَضيره، ويقال أيضاً: ضاره يَضوره، ففي العين لغتان. ويقال: ضاره يضيرُه ضَيْراً فهو ضائر وهو مَضِير، وضاره يَضُوره ضَوْراً فهو ضائرٌ وهو مَضُور، نحو: قلتُه أقوله فأنا قائل وهو مقول.
وقرأ الباقون:» يَضُرُّكم «بضم الضاد وتشديد الراء مرفوعة. وفي هذه القراءة أوجه، أحدها: أن الفعل مرتفع وليس بجواب للشرط، وإنما هو دالٌّ على جواب الشرط، وذلك أنه على نية التقديم، إذ التقدير: لا يَضُرُّكم أنْ تصبروا وتتقوا فلا يَضُرُّكم» ، فَحُذِف «فلا يضركم» الذي هو الجواب لدلالةِ ما تقدم عليه، ثم أُخِّر ما هو دليل على الجواب، وهذا الذي ذكرته هو تخريج سيبويه وأتباعِه. وإنما احتاجوا إلى ارتكاب هذه الشطط لِما رأوا من عدم الجزم في فعل/ مضارع لا مانعَ من إعمال الجازم فيه، ومثلُ هذا قولُ الآخر:
١٤١٣ - يا أقرعُ بنَ حابسٍ يا أقرعُ ... إنَّك إنْ يَصْرَعْ أخوك تُصْرعُ