وَردُّوا عليه بأنه إذا صَحَّت روايةٌ فلا يَقْدَح فيها غيرُها. ورأيت بعضَهم ينقله عن الفراء والكسائي، وهذا أقرب.
الوجه الثالث: أن الحركَة حركةُ إتباع، وذلك أن الأصل: لا يَضْرِرْكم بالفك لسكونِ الثاني جزماً، وسيأتي أنه إذا التقى مِثْلان في آخرِ فعلٍ سَكَن ثانيهما جزماً أو وفقاً فللعرب فيه مذهبان: الإِدغامُ وهو لغة تميم والفكُّ وهو لغة الحجاز، لكن لا سبيل إلى الإدغام إلا في متحرك، فاضطُررنا إلى تحريك المثلِ الثاني فَحَرَّكناه بأقرب الحركات إليه وهي الضمةُ التي على الحرفِ قبلَه، فحرَّكناه بها وأدغمنا ما قبله فيه فهو مجزوم تقديراً، وهذه الحركةُ في الحقيقة حركةُ إتباعٍ لا حركةُ إعراب بخلافها في الوجهين السابقين قبل هذا فإنها حركة إعراب.
واعلم أنه متى أُدْغِم هذا النوع: فإمَّا أن تكونَ فاؤه مضمومةً أو مفتوحة أو مكسورة، فإن كانت مضمومة كالآية الكريمة وقولهم» مُدَّ «ففيه ثلاثة أوجه حالةَ الإِدغام: الضمُّ للإِتباع، والفتح للتخفيف، والكسر على أصل التقاء الساكنين فتقول: مُدُّ ومُدَّ ومُدِّ، ورُدُّ ورُدَّ ورُدِّ. ويُنشْدون على ذلك قولَ جرير:
١٤١٦ - فَغُضِّ الطرفَ إنَّك من نُمَيْرٍ ... فلا كعباً بَلَغْتَ ولا كِلابا
بضم الضاد وفتحها وكسرها على ما ذكرته لك، وسيأتي أنَّ الآية قرىء فيها بالأوجه الثلاثة. وإن كانت مفتوحة نحو: عَضَّ، أو مكسورة نحو: فِرَّ، كان في اللامِ وجهان: الفتح والكسرُ، إذ لا وجهَ للضم، لكن لك في نحو:» فِرَّ «