الزمخشري بذلك إلاَّ ما ذكرتُه من إرادة التنازع، ويَصْدُق أَنْ يقول: عمل فيه هذا وهذا بالمعنى المذكور لا أنهما عَمِلا فيه معاً، على أنه لو قيل به لم يكن مبتدِعاً قولاً، إذ الفراء يرى ذلك، ويقولُ في نحو:» ضربت وأكرمت زيداً «إنَّ» زيداً «منصوبٌ بهما وإنهما تسلَّطا عليه معاً، ولتنقيح هذه المسألةِ موضوعٌ غيرُ هذا حَرَّرتها فيه بحمد الله تعالى.
والهمُّ: العَزْم. وقيل: بل هو دونَه، وذلك أن أوَّل ما يرم بقلبِ الإِنسان يسمى خاطراً، فإذا قَوِيَ سُمِّي حديثَ نفس، فإذا قوي سُمِّي هَمَّاً، فإذا قوي سُمِّي عزماً، ثم بعده إما قول أو فعل، وبعضهم يُعَبِّر عن الهَمِّ بالإِرادة، تقول العرب: هَمَمْت بكذا أهُمُّ به بضم الهاء، ويقال:» هَمْتُ «بميم واحدة، حذفوا إحدى الميمين تخفيفاً كما قالوا: مَسْتُ وظَلْت وحَسْت في مَسَسْتُ وظَلَلْتُ وحَسَسْت، وهو غير مقيس. والهمُّ أيضاً: الحُزْن الذي يذيب صاحبه وهو مأخوذٌ من قولهم:» هَمَمْتُ الشحم «أي: أذبته. والهمُّ الذي في النفس قريب منه؛ لأنه قد يؤثر في نفس الإِنسان كما يُؤَثِّر الحزن، ولذلك قال الشاعر:
أي: إنك إذا هممت بشيء ولم تفعله، وجال في نفسك فأنت في تعب منه حتى تقضيه.
قوله:{أَن تَفْشَلاَ} متعلق ب» هَمَّتْ «لأنه يتعدَّى بالباء، والأصل: بأن تفشلا، فيجري في محل» أَنْ «الوجهان المشهوران. والفَشَل: الجُبْن والخَوَر. وقال بعضهم:» الفشل في الرأي: العجز، وفي البدن: الإِعياء وعدم