قوله:{فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ} للنحويين في مثل هذا تأويلٌ وهو أَنْ يُقَدِّروا شيئاً مستقبلاً، لأنه لا يكونُ التعليقُ إلا في المستقبلِ، وقوله {فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مِّثْلُهُ} ماضٍ محقق، وذلك التأويلُ هو التبيين: فقد تبيَّن مسُّ القَرْحِ للقوم، وسيأتي له نظائر/ نحو:{إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ}[يوسف: ٢٦]{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ}[يوسف: ٢٦] . وقال بعضُهم «وجوابُ الشرطِ محذوفٌ تقديرُه:» فتأسَّوا «ونحوُ ذلك. وقال الشيخ:» مَنْ جَعَلَ جوابَ الشرط «فقد مَسَّ» فهو ذاهِلٌ «. قلت: غالبُ النحاةِ جَعَلوه جواباً متأوِّلين له بما ذَكَرْتُ.
قوله:{وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا} يجوزُ في» الأيام «أَنْ تكونَ خيراً ل» تلك «. و» نُداوِلُها «جملةً حاليةٌ العاملُ فيها معنى اسم الإِشارة أي: أُشير إليها حالَ كونِها متداولةً.
ويجوزُ أن تكونَ «الأيام» بدلاً أو عطفَ بيانٍ أو نعتاً لاسم الإِشارة، والخبرُ هو الجملةُ من قوله:{نُدَاوِلُهَا} ، وقد مَرَّ نحوُه في قوله:{تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا}[آل عمران: ١٠٨] إلا أَنَّ هناك لا يجيءُ القولُ بالنعتِ لِما عَرَفْتَ أنَّ اسمَ الإِشارة لا يُنْعَتُ إلا بذِي أل.
و «بين» متعلقٌ ب «نُداوِلُها» . وجَوَّز أبو البقاء أن يكون حالاً من مفعولِ «نُداولها» وليس بشيءٍ. والمُدَاوَلَةُ: المناوَبَةُ على الشيء والمعاوَدَةُ وتَعَهُّدُه مرةً بعد أخرى. يقال: داوَلْتُ بينَهم الشيءَ فتداولوه، كأن «فاعَل» بمعنى «فَعَل» . قال الشاعر: