متعلقةٌ ب» نُداوِلُها «مِنْ غيرِ تقدير شيءٍ. ولكنَّ هذا لا حاجةَ إليه، ولم يَحْتَجْ إلى زيادة الواو إلا الأخفشُ في مواضعَ ليس هذا منها، وبعضُ الكوفيين يوافِقُه على ذلك. وقَدّره الزمخشري ب» فَعَلْنا ذلك ليكونَ كيتَ وكيتَ وليَعلَمَ «، فقدَّر عاملاً وعَلَّق به علةً محذوفة عَطَف عليها هذه العلةَ. قال الشيخ:» ولم يُعَيِّنْ فاعلَ العلةِ المحذوفةِ، إنما كَنَى عنه بكيت وكيت، ولا يُكْنى عن الشيء حتى يُعْرَف، ففي هذا الوجه حَذْفُ العلةِ وحَذْفُ عامِلِها وإبهامُ فاعِلها، فالوجهُ الأولُ أظهرُ إذ ليس فيه غيرُ حَذْفِ العامل «يعني بالوجهِ الأول أَنَّه قَدَّره:» وليَعْلَمَ اللهُ فَعَلْنا ذلك «وهو المداوَلَةُ أو نَيْلُ الكفار منكم.
والعلمُ هنا يجوزُ أن يتعدَّى لواحدٍ قالوا: لأنه بمعنى عرف، وهو مُشْكِلٌ لأنه لا يجوزُ وصفُ الله تعالى بذلك لِما تقدَّم من أن المعرفة تستدعي جهلاً بالشيء، أو أنها متعلقة بالذوات دون الأحوال، ويجوز أن يكونَ متعدياً لاثنين، فالثاني محذوفٌ تقديرُه: وليعلم الذين آمنوا مميَّّزين بالإِيمان مِنْ غيرهم.
وقُرِىء شاذاً: «يُداوِلُها» بياء الغَيْبة وهو موافِقٌ لِما قبله ولِما بعده. وقراءةُ العامةِ على الالتفاتِ المفيدِ للتعظيمِ. قوله:«منكم» الظاهرُ أنَّ «منكم» متعلقٌ بالاتخاذِ، وجَوَّزوا فيه أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «شهداء» لأنه في الأصلِ صفةٌ له.