للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «إنْ» شرطيةٌ. و «ماتَ» و «انقلبتم» شرطٌ وجزاءٌ، ودخولُ الهمزةِ على أداةِ الشرطِ لا يغيِّر شيئاً مِنْ حكمِها، وزَعَم يونس أنَّ الفعلَ الثاني الذي هو جزاءُ الشرطِ ليس بجزاءٍ للشرطِ، إنما هو المُسْتَفْهَمُ عنه، وأنَّ الهمزةَ داخلةٌ عليه تقديراً فيُنْوى به التقديمُ وحينئذ فلا يكونُ جواباً، بل الجوابُ محذوفٌ، ولا بد إذ ذاك من أن يكونَ فعلُ الشرط ماضياً، إذ لا يُحْذَفُ الجوابُ إلا والشرطُ ماضٍ، ولا اعتبارَ بالشعرِ فإنه ضرورةٌ، فلا يجوزُ عندَه أَنْ تقولَ: «أإنْ تُكْرِمْنِي أُكْرِمْك» [لا بجَزْمهما ولا بجزم الأول ورفع الثاني] لأنَّ الشرط مضارعٌ، ولا: «أإن أكرمتني أكرمْك» بجزم «أكرمْك» لأنه ليس الجوابَ بل دالاً عليه، والنيةُ به التقديمُ، فإنْ رَفَعْتَ «أكرمك» وقلت: «أإنْ أكرَمْتَني أكرمُك» صَحَّ عنده، فالتقديرُ عند يونس: آنقلبتم على أعقابِكم إنْ ماتَ محمدٌ؟ لأنَّ الغرضَ إنكارُ انقلابِهم على أعقابِهم بعد مَوْتِه.

وبقولِ يونس قال كثيرٌ من المفسرين، فإنَّهم يقولون: ألفُ الاستفهامِ دَخَلَتْ في غير موضعها، لأنَّ الغرضَ إنما هو: أتنقلبون إنْ ماتَ محمد «. وقال أبو البقاء:» وقال يونُس: الهمزةُ في مثلِ هذا حَقُّها أَنْ تَدْخُلِ على جوابِ الشرطِ تقديرُه: «أتنقلبون إنْ مات» ؛ لأنَّ الغرضَ التنبيهُ أو التوبيخُ على هذا الفعلِ المشروط.

ومذهبُ سيبويه الحقُّ لوجهينِ، أحدهما: أنك لو قَدَّمْتَ الجوابَ لم يكن للفاءِ وجهٌ إذ لا يَصِحُّ أَنْ تقولَ: «أتزورُوني فإنْ زُرْتُكِ» ، ومنه قولُه تعالى: {أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون} [الأنبياء: ٣٤] ، والثاني: أنَّ الهمزةَ لها صدرٌ الكلام، و «إنْ» لها صدرُ الكلامِ، فقد وقعا في موضِعِهما، والمعنى يَتِمُّ بدخولِ الهمزةِ على جملةِ الشرط والجواب، لأنهما كالشيءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>